في بلدة إنجليزية صغيرة ـ نسيت اسمها ـ يتم وزن العمدة سنويا، إن زاد عن معدله الطبيعي، فذلك يعني أنه تعدى على أموال دافعي الضرائب من أهالي البلدة، وعندها يعاقب ـ إضافة للمحاكمة طبعا ـ بإلقاء الطماطم الفاسدة عليه!.

تخيل لو أن عقوبة كهذه طبقت على بعض المسؤولين في وزاراتنا ومصالحنا الحكومية. لأصبح الطلب على الطماطم الفاسدة أكثر من الصالحة لكثرة الفاسدين!.

اليوم لا حديث يعلو فوق الحديث عن الفساد، الجميع يشتكي ويتذمر منه. كل فاجعة تحدث أو أزمة تمر، تجد للفساد يدا فيها أو طريقا له إليها. مع هذا لم نسمع يوما أن تم الكشف عن فاسد كبير!.

اللافت في الأمر، أن الفاسد في السابق كان يعبث تحت جنح الظلام، وما إن يطلع النهار إلا وتجده شخصا آخر. أما الآن يصل الفاسدون الليل بالنهار، حتى أصبحت رائحة فسادهم تزكم الأنوف!.

في هذا الشهر تكون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" دخلت عامها الرابع. وبحسب مراحل نمو البشر يستطيع طفل الرابعة أن يلبس ملابسه بنفسه ويخلعها كذلك، ويصعد الدرج، ويقود أيضا دراجته ذات الثلاث عجلات. أما "نزاهة" فلا تزال تحبو برغم إكمالها سن الثلاثة أعوام. إنجازاتها لا تذكر ولا تواكب عمرها الزمني، ولا الصلاحيات الممنوحة لها من استقلالية وتبعية مباشرة بالملك، ورئيس بمرتبة وزير، وشمولية مهام لكافة القطاعات الحكومية لا يستثنى من ذلك كائنا من كان. فإن لم يستطع جهاز بهذه الإمكانات القضاء على الفساد أو على الأقل تحجيمه، فمن يستطيع إذن؟!

الناس محبطون لأنهم يعلمون أن الجميع يدفع ثمن الفساد، فإما أن تفعّل "نزاهة" دورها كما ينبغي، أو نجهّز الميزان ومعه صناديق الطماطم الفاسدة، ونفعل كما فعل الإنجليز!.