لن تكون أسعار النفط بعيدة عن التأثر بتداعيات رفع السقف القانوني للدين الأميركي، إذ اتفق خبيرا بترول خليجيان على أن هذا الإجراء سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والسلع الأخرى كالذهب بسبب انخفاض سعر الدولار، مشيرين إلى أنه في حال ارتفعت أسعار النفط بعد انتهاء فترة التسوية المتفق عليها، فإنها لن تنخفض إن لم تزدد بسبب هذه التداعيات.
وفي الوقت الذي وصف فيه خبير الطاقة الكويتي حجاج بوخضور سياسة الولايات المتحدة الأميركية بالغريبة فيما يتعلق برفع سقف الدين، وما تضمن ذلك من اتفاق بين الجمهوريين والديموقراطين حول قانونية زيادة عمليات الاقتراض، قال بوخضور إن الإجراء سينتج عنه وفرة في إنتاج الدولارات والنقد الأميركي بالأسواق، الأمر الذي برأيه سيرفع أسعار النفط ويؤدي إلى ارتفاع السلع الرئيسية كالذهب.وأضاف: "إذا انخفضت قيمة الدولار يتحول الاتجاه إلى السلع"، متوقعاً أن تبدأ الآثار بعد شهر فبراير المقبل، مضيفا أن الأسعار لن تنخفض إن لم تزدد.
من جهته أكد الخبير السعودي في شؤون الطاقة الدكتور راشد أبانمي أن رفع سقف الدين الأميركي سيؤثر على ارتفاع النفط، مشيراً إلى أن ارتفاعه سيؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل عام، مستشهداً بأسواق الأسهم، مضيفاً أن التداعيات تأتي بحكم أن الدولار هو العملة الأساسية لتسعير النفط، وهو أيضاً العملة الرئيسة الأميركية، وأن أي تأثر فيه سيؤثر على النفط بشكل مباشر.
وقال أبانمي إنه لو حدث العكس ولم يتفق الكونجرس على رفع السقف سيحدث خلخلة في الاقتصاد بشكل عام وبأسعار البترول والطلب عليه خصوصاً، مؤكداً أن استمرار وضع الدين الأميركي كما هو عليه يعني وجود أزمة مؤقتة إلى شهر فبراير.
وبين أبانمي أن عملية ارتفاع الطلب وانخفاضه التي تعني ارتفاع أسعار البترول وانخفاضها، تعود إلى الظروف السياسية والاقتصادية، مرجحاً بقاء الأسعار كما هي عليه، إلا إذا حدث ظرف طارئ.
وهنا اعتبر أبانمي ربط الريال بسلة عملات، أفضل من ربطه بالدولار لتجنب مثل هذه الأزمات التي تسببت بها الديون الأميركية، مضيفاً: "يمكن أن يكون بالعملة الخليجية الموحدة التي تسعى دول الخليج لتحقيقها الحل الأفضل لفصل الربط بالدولار، وجعل العملة مرتبطة بسلة عملات"، معتبراً الربط بسلة العملات العملية الأكثر نجاحاً، بحيث لا تخضع عملة الدولة للهزات الممكن حدوثها.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وقع الأسبوع الماضي القانون الذي تم التصويت عليه في اللحظة الأخيرة في الكونجرس الأميركي لرفع السقف القانوني لدين الولايات المتحدة، ما شكل خاتمة لأخطر أزمة سياسية أثناء ولايته الثانية.
وأقر مجلس الشيوخ ثم مجلس النواب على التوالي وبغالبية واسعة قانون التسوية الذي أعلن عنه قبل بضع ساعات بعد مفاوضات مكثفة وأسابيع من الخلافات النيابية، وتسمح التسوية للخزانة بالاقتراض حتى السابع من فبراير وتتيح تمويل الدولة الفدرالية حتى 15 يناير.
كما طلب المجلس من كافة الموظفين الفدراليين الذين وضعوا في إجازة بدون راتب منذ 16 يوما بسبب أزمة الميزانية، العودة إلى العمل اعتبارا من نهاية الأسبوع الماضي وستدفع لهم رواتبهم مع أثر رجعي.
لكن هذه التسوية تبقى موقتة لأنها تتيح بضعة اشهر فقط أمام الفريقين للتوفيق بين مواقفهما بشأن الميزانية.
وستدعى لجنة من المجلسين لتضع قبل 13 ديسمبر أطر ميزانية للأشهر المتبقية من العام 2014، إلا أن أعضاء الكونجرس المنقسمين بين ديمقراطيين وجمهوريين أبدوا حتى الآن عجزهم عن إيجاد أرضية تفاهم.
واستباقا لتلك المرحلة الجديدة كرر أوباما أنه "مستعد للعمل مع الجميع على أي فكرة من شأنها أن ترفع نمو الاقتصاد وتوفر وظائف وتعزز الطبقة الوسطى وتعيد تنظيم الميزانية على المدى الطويل".
وكان الاقتصاد الأول في العالم يواجه خطر التخلف عن سداد ديونه على الأجل القصير بسبب عجزه عن الاقتراض، لكن الأسواق المالية رفضت التفكير بسيناريو كارثي كهذا.
ويرى مراقبون أن الاتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة على تسوية الدين العام يعتبر أمرا جيدا على الأقل حاليا وسيؤدي إلى استقرار نسبي في الأسواق المالية والأسهم والعالم المالي، وخصوصا في سوق المستندات، لافتين إلى وجود حالة من القلق في حال عدم الوصول إلى اتفاق، إذ إن تعثر الولايات المتحدة الأميركية في التزاماتها المالية سيتسبب في هاوية مالية وسيؤثر سلبا على سوق المستندات الأميركية وتراجع رغبة المستثمرين من خارج الولايات ومن داخلها في الاستثمار ويتبعه خروج المستثمرين مما سيؤدي إلى ارتفاع العائد على قيمة السندات، لأن هناك علاقة عكسية بينهما.