تعمدت أن أجعل استضافة كأس أمم آسيا حضارة وليس مجرد إقامة بطولة كما سمت دولة قطر اللجنة العليا المنظمة لكأس العالم 2022 بـ"اللجنة العليا للمشاريع والإرث".

نعم قطر - التي حظيت بشرف استضافة مونديال 2022 ونحن لا زلنا ننتظر وزارة أو قرارا أو خطابا لنكمل المتطلبات الحكومية لاستضافة أمم آسيا 2019 وليس كأس العالم - أطلقت عنان خيالها الواسع لتغيير حتى المسمى ليكون محاكيا للواقع والحاضر والمستقبل.

إن الرؤية القطرية في تسمية اللجنة العليا للمونديال باللجنة العليا للمشاريع والإرث ناتجة عن قناعة الحكومة بأهمية الحدث وأن المشاريع القطرية لخدمة المواطن ستتم عبر استضافة هذا الحدث العالمي، وبالتالي سيتكون لديهم إرث كبير بعد انتهاء المونديال من المشاريع تستفيد منه الأجيال القطرية لحقب زمنية طويلة.

ومشكلتنا أننا لا نحبذ التخطيط البعيد، نريد أن نقرر وبعد شهر أو شهرين ننفذ، وأقرب الأمثلة دورة الخليج العربي القادمة بعد ثمانية أشهر، وليس بعد ثماني سنوات، كما هو الحال في قطر، وحتى الآن لم يتم تشكيل اللجنة العليا المنظمة للبطولة، وطبعا لن أقول لجنة الإرث لأن الوزارات وكما يبدو، لن تتعاون مع اتحاد القدم، وبالتالي لن يكون هناك إرث، ولا أعلم هل يستطيع اتحاد الكرة القيام بالمهمة، أم سيجد نفسه في حرج أمام اتحادات الدول الشقيقة، وهو معزول وبدون دعم، والكارثة لو لم يجد راعيا يغطي مصروفات البطولة.

أن استضافة كأس أمم آسيا 2019 ستقدم للبلد كثيرا من المنجزات والمشاريع التي ستكون مفيدة للمواطن، وبالتالي فإن تعاون الوزارات مع اتحاد القدم كمؤسسة مجتمع مدني سيضفي الكثير على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، لكن يبدو أن الرؤية غير واضحة لهذه الوزارات، خصوصا وأن ثقافتنا تعتمد على أن إقامة بطولة تعني منح ميزانيات ومصروفات وخسائر على ميزانية الدولة، بالرغم من أن الفائض المعلن لميزانية هذا العام يفوق 200 مليار ريال، وفي حالة اتحاد القدم يستطيع تغطية ذلك متى وجد الضمانات الحكومية من خلال الدعاية والإعلان والرعاية.

الواضح الآن أن ملف الإمارات لقي الدعم الحكومي الكامل، وسلم إلى الاتحاد الآسيوي في الوقت المحدد قبل خمسة أيام، وبالتالي يبدو أن الإمارات هي الدولة الأكثر جاهزية لاستضافة الحدث (الحضارة) وستكون جاهزة للحدث (الإرث) مستقبلا ونحن لم نشكل حتى اللحظة اللجنة العليا المنظمة لدورة كأس الخليج العربي، ومن الآن أقول عندما تشكل ستكون لجنة روتينية تنظيمية، لن نرى إبداعا أو إثراء أو أفكارا تضيف لهذا التجمع رونقا وجمالا يجعلنا نفرح ونتأمل في المستقبل.

أنا حزين جدا أن تتأخر رؤية فيصل بن فهد -يرحمه الله- نحو جعل الرياضة سببا في أسلوب حياة كريمة لشبابنا، فكم هي الوظائف التي فتحت مع إنشاء المدن الرياضية والإستادات وملاعب الأندية في الثمانينات والتسعينات، وكم كانت سمعة الدولة خارجيا في قمة الرضا والإبهار والإعجاب والعلم السعودي يرفرف في مونديال أميركا وفرنسا واليابان وألمانيا، ويرفرف أيضا ونحن نفوز بكأس الأمم في 84، 88، 96.

وهنا ما زلنا ننتظر معالجة لكل هذا التأخير الذي يعيد لنا حضورنا المشرف.