حتى الآن.. الأرقام الرسمية تقول إنه تم ضبط 15 ألف شخص بتهمة البحث عن "الكمأ قرب المناطق الحدودية"، ابتداء من حفر الباطن، مروراً برفحاء، ثم عرعر، وانتهاء بطريف، والواقع يقول أكثر من ذلك، ومقاطع الفيديو تقول أكثر أيضاً.. والإجراءات الرسمية لحرس الحدود تقضي بتغريم كل شخص 1000 ريال، وأخذ تعهد عليه بعدم الاقتراب من المنطقة المتاخمة للحدود..!

ضبط 15 ألف شخص يعني أن حرس الحدود قبض 15 مليون ريال كغرامات، واستبسل أفراده في ضبط هذا الرقم الكبير خلال وقت قصير، وامتلأت غرف التوقيف في قطاعات الحرس بالموقوفين، وزاد العبء على قطاعات حرس الحدود وأشغلها عن عملها الأساسي وهو حماية الحدود من الخارج وليس من الداخل..!

موسم "الكمأ" أو كما يسمى "الفقع".. أيام معدودة يبحث عنه فيها بعض الناس للمتعة وبعضهم للتجارة.. وكلها حقوق مشروعة وموقتة.

نعم.. لحرس الحدود الحق في معاقبة الباحثين عن "الكمأ" في المناطق المتاخمة للحدود، رغم أنني أعتقد أن قيادات حرس الحدود تدرك أن كل مواطن غيور على أرض وطنه.. وكل وطن حريص على أمن مواطنيه.. ويدركون أن المسألة ليست تجاوزاً للحدود بقصد "التجاوز" ومخالفة "النظام"؛ بدليل أن أرقام حرس الحدود تقول إنه قبل موسم "الكمأ" لم تكن حوادث تجاوز الحدود تتعدى أصابع اليد الواحدة وتضبط في حينها، خاصة بعد السياج الأمني الذي أنشأته وزارة الداخلية لضبط الحدود، وكان كذلك حصناً حصيناً لوطننا من الشمال، وسيكون كذلك من الجنوب.

وأظن -رغم أن بعض الظن إثم- لو فكر قطاع حرس الحدود بالتعامل مع الموسم بـ"ذكاء"، وبما يضمن ضبط الحدود؛ لما كان هذا الإقبال والتدفق من المواطنين والزوار على هذه المناطق القريبة من الحدود بحثاً عن الكمأ، ولاستفاد منه في عمل دعائي لإنجازاته وأعماله وأهميته.

كلنا ندرك أنه لم يكن "الكمأ" ممنوعاً بل مرغوبٌ ومطلوب، ويرحل إليه الناس من كل مكان، لكن أماكن توافره هذا العام كانت ممنوعة أو قريبة من الممنوعة، ما زاد من قيمته ورفع من سعره، وحباً بـ"الكمأ" وبما أن "كل ممنوع مرغوب"، فقد استنفر "الكمأ" أهل الحدود الشمالية والمتنزهين فيها وزوارها، إلى التردد على المناطق القريبة من الحدود.