مفرح حبسان العمري
يقول البارئ سبحانه (وأذن في الناس بالحج) فهنيئاً لمن استطاع ولبى النداء. أما والذي حَجَّ المحبون بيته ولبوا له عند المهل وأحرموا وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا لعزة من تعنو الوجوه وتسلم يهللون بالبيداء لبيك ربنا لك الملك والحمد الذي أنت تعلم، الله ما أجمل تلك الخطى وهي تسير على ذاك الثرى الطاهر والأرض المباركة.
الله ما أجمل تلك الأرواح وهي تتنفس هواها من أطهر بقاع الأرض.. الله ما أجمل تلك الأفئدة وهي تزاحم أملاً في عفو من ربها ومغفرة، قد تركت خلفها كل ملذات الدنيا وأطماعها وأتت راضية لتنال من خالقها الأجر والثواب. الله ما أجمل تلك الأنفس وهي تقضي الساعات مشياً وركوبا في طاعة البارئ سبحانه يحدوها الأمل في كسب الحسنات ومحو السيئات. جاء في المقامة المكية للدكتور عايض القرني ما نصه "بها بيت الملك الأجل، والكعبة التي طاف بها الرسل، سوادها من سواد المقل، وهي أرض السلام، وقبلة الأنام، يفد إليها المحبون..."، إلى أن قال "فهي قبلة القلوب، وأمنية الشعوب، وراحة الأرواح، ومنطلق الإصلاح، على ثراها نزلت الهداية، ومن رباها كانت البداية".
قف يا لبيب العقل في عرفات كم فيها من عبر ومن آيات ما زال عبر الدهر ينمو حبها متجددا بتجدد الأوقات يا فوز من لبى وعاشت روحه أحلى ثواني العمر في عرفات أيا قاصدي مكة أتيتم إلى بيت عظيم، ولنسك عظيم، يقوم على خدمته وخدمتكم رجال أوفياء مخلصون قد هيؤوا لكم كل السبل والإمكانات من أجل إقامة مريحة وحج ميسر، فأدوا حجكم بأمان واحترموا المكان والزمان.
أيا من قصدتم مكة طوبى لكم ثم طوبى لكم، وتقبل الله سعيكم وأعادكم إلى أوطانكم سالمين قد غفر الله لكم الذنوب وألبسكم عفوه وغفرانه. نظرت إليك يا مكة فأبهرني منك الجمال وفيك للروح إرواء.