منذ التحاق الشاب "عبدالمجيد السعيد" بكلية الصحافة والإعلام بإحدى الجامعات وهو يحلم بأن يكون أميرا فارسا في بلاط "صاحبة الجلالة"، وأن يكون علامة فارقة في الصحافة السعودية، لم ينتظر حتى يحين موعد تخرجه ليبدأ مشواره نحو حلمه، بل بادر بأول خطوة وهو ما زال على مقاعد الدراسة، وذلك عبر تدشين حساب مختص بالأخبار السعودية في "تويتر".

كانت أول تغريدة في شهر أغسطس من العام 2012 تقريبا، إلا أن تغريداته في بداياتها لم تحظ بقدر كاف من الاهتمام، رغم ما تحمله من تغطيات شامله لأهم الأحداث السعودية، قلة عدد متابعي الحساب لم تحبطه بل زادته امتنانا لهم، وهو ما ترجمه بحرصه على أن يوافيهم بتغطيات شاملة وموسعة عن أهم الأحداث بحيادية ومصداقية وموضوعية، امتنانه لمتابعيه وعمله المتواصل من أجلهم كانوا يقابلونه بعدد كبير من الـ"رتويت" كلما "غرد"، وازداد عدد متابعيه تدريجيا.

يقسّم وقته ما بين دراسته في كلية الإعلام، وما بين تغطية الأحداث ونقلها للعدد الصغير الذي بدأ بمتابعته.. اعترضته مشكلة في أثناء عمله على حسابه في "تويتر"، وتكمن في أنه يضطر للتوقف عن التغريد كلما احتاج للراحة أو النوم، فيجد نفسه وقد تأخر كثيرا عن نقل الأخبار العاجلة لمتابعيه، أصبح بحاجة ماسة لشخص آخر يقاسمه العمل على تحرير الأخبار وتحليلها ونقلها للمتابعين، ولم تمتد حاجته طويلا حتى قرر شقيقه "عبدالله" الطالب في كلية "الحقوق" بجامعة الملك سعود أن يشاركه في العمل على الحساب، مزجا وعيهما الإعلامي والحقوقي وسكباه عبر حسابهما في تويتر، ومضى الشقيقان "عبدالله" و"عبدالمجيد" يعملان بجد وعلى مدار الـ24 ساعة.. يقضيان يومهما ما بين طلبهما العلم في الجامعة وما بين إدراة الحساب ويتناوبان في المساء، يسهر أحدهما ريثما يستيقظ الآخر ليستلم المهمة مكانه، تعاونهما على الحساب أثر إيجابا على عدد المتابعين الذي ازداد بشكل لم يكونا يتوقعانه، فرحتهما بالتفاعل الكبير مع حسابهما قللت من شعورهما بالإرهاق جراء عملهما المتواصل، الذي لا يفصله سوى وقت النوم القصير.. الحساب في "تويتر" لم يكن كافيا لنقل الأحداث المصورة، فشرعا في توسيع تقنيات أعمالهم الصحفية على هيئة حسابات في الـ"كيك" والـ"الانستقرام" والـ"يوتيوب"، التي منحت متابعيهم المزيد من التفاصيل والإثارة.

بعد تخرج "عبدالله" من كلية الحقوق بجامعة الملك سعود، تفرغ لإدارة الحساب غير ملتفت لإغراءات سوق العمل، الذي يعلن باستمرار عن احتياجه لخريجي كليات القانون والحقوق، بل وضع يده بيد شقيقه "عبدالمجيد" وعملا معا للنجاح.. تميز تغريداتهم الإخبارية شدت انتباه أكبر رؤساء تحرير الصحف السعودية والمشاهير والمسؤولين، الذين بادروا بمتابعتها؛ إيمانا بقدراتهما وتصديقا على إمكاناتهما المتقدمة في مجال الإعلام الجديد.

مضى وقت طويل ومرهق من عملهما المستمر والمتواصل معا قبل أن يحتفلا بالمتابع "المليون" على حسابهما في "تويتر"، الذي صُنف حينها وحتى الآن كأكبر حساب مختص بالأخبار السعودية، متجاوزين بذلك عدد المتابعين لمؤسسات إعلامية مضت عقود على تأسيسها. انهالت عليهما التبريكات. وانهالت عليهما طلبات الدعاية والإعلان، وتضخم حسابهما البنكي إثر ذلك، حتى أصبح دخلهما الشهري يفوق راتب وزير، وقاما بتوظيف وتدريب أربعة صحفيين يتناوبون في العمل على حساباتهم الإخبارية في المواقع المختلفة، بينما تفرغا للإدارة والتطوير. أسهما في حل عشرات القضايا الإنسانية بعد نشرها عبر حساباتهم، وتفاعل المجتمع معها، وقاما برعاية عدة ملتقيات وبرامج تلفزيونية ويوتيوبية.

وصل عدد المتابعين لحسابهم "@SaudiNews50" في "تويتر" إلى مليون وثلاثمئة وأربعة وتسعين ألفا، لحظة كتابة هذا المقال، ومن المتوقع أن يصل إلى المليونين قبل نهاية هذا العام.

يخططان حاليا لأن يجعلا من حساباتهم الإخبارية الثرية بأعداد المتابعين جزءا من أعمالهما في مجال الصحافة، لا أن يعتمدا عليها بالكامل، تحسبا لأي طارئ على طبيعة الحسابات الحالية، التي قد تغلق أو تحجب في أي لحظة ودون سابق إنذار، أو يضعف تأثيرها نظرا لسرعة تطور عالم الإنترنت، يقولان: "إن من أكبر التحديات التي نواجهها الآن، هو العمل على جذب العدد الكبير من المتابعين لحساباتنا من مواقع التواصل إلى صحيفة إلكترونية نعمل على تأسيسها، لنجعل منها صحيفة إلكترونية منافسة بمجرد ولادتها؛ نظرا لما لها من ارتباط مباشر

ومؤثر في مواقع التواصل".

الشقيقان "عبدالمجيد" و"عبدالله" رسما لنفسيهما حيزا كبيرا على خارطة الصحافة السعودية، حتى أصبحا مطمعا لأكبر الصحف، ولكن طموحهما هو منافستها لا العمل في وظائفها الشاغرة.

لا توجد خلطة سرية للنجاح؛ فبمجرد أن نخلط الأمل بالعمل والصبر سنتذوق ولو بعد حين أشهى طبق للفرح والانتصار.

أكثر ما يثير حزني هو أن أجد شابا في مقتبل العمر يشكو لي أن حلمه قد تعثر، أو أن أجد شبابا دون حلم، جُل ما يعيشون من أجله هو البحث عن وظيفة تكفل لهم راتب تقاعد يخططون لأن يعيشوا في كنفه عند كبرهم، متجاهلين ما تمنحهم الحياة من فرص بوسعها أن تجعلهم أكثر نجاحا من أي وقت مضى متى ما تشبثوا بها وأحسنوا استغلالها.

إن العائق الوحيد لنجاحنا هو نحن، نستطيع أن نفرح بتحقيق أحلامنا حينما نفوز علينا وننتصر على أنفسنا.