فجّر البلوتوث واليوتيوب المواهب السعودية الدفينة، وقدَحا زنادَ التنافس لإنتاج أفضل فيديو منزلي برغم عدم طرح جوائز وعدم وجود حقوق أدبية لمنتجاتهما، والحقّ إننا أُعجبنا بترتيل القرآن من أطفال بارعين، ودهشنا لكثير من المشاهد الطريفة كمعلم العروض بـ (حمام المسيان) ومعلم (الحواس الخمس) واستمتعنا بالمغامرات الجريئة لشباب (الدائري) وظرفهم الذي لا تنام عينه - وافتخرنا بمواقف لشبابنا النبلاء منقذي أطفال المدارس وغرقى السيول، وساءتنا مشاهد بائسة (كتعليم الطفلة السباحة) و(جلد الأطفال) وأسفنا كثيرا لفيلم المشرف الذي صور تحقيقه مع الطفل الهارب من المدرسة والحق أنني لو كنت مكان الطفل لهربت، فالمكتوب من عنوانه!

أما (أشق هدومي منتس يمه) فهو فيلم لطفلة يذكرنا بفيلم الطفل الذي سينتحر من أجل (الدباب) والغريب أنّ مخرجي الفيلمين التعيسين هما والدتا الطفلين، وهما فيلمان إن أضحكا المشاهد لأول وهلة فسيبكيانه كل وهلة، ولا تدري ما الطريف في تعليم الأطفال النواح وشق الجيب واستظرافه منهم وتصويره ونشره كما لا تدري بأي قلب يمكن أن نصور الطفل وهو يهم برمي نفسه من سطح المنزل ونحن نصور بقلوب باردة وليس في أذهاننا إلا ردود أفعال المشاهدين!

والآن وقد مرت سنوات على تعاطينا البلوتوث واليوتيوب و(ذهبت السكرة وجاءت الفكرة) وذهب ضحايا استحداثنا للتقنيات من ذهب، جدير بنا ونحن ننتج أفلامنا المنزلية ونجازف بثرواتنا الحقيقية الالتفات للجدوى وألا نغفل عن الرسالة الإنسانية أو التربوية التي نود إيصالها، فبدلا من تصوير الأطفال وهم نائمون في غرفة الصف ننتظر أفلاما لدروس شيقة يضحي الطفل بنعاسه من أجلها، وبدلا من تلقين الأطفال الجزع والنواح فلنلقنهم التوكل والدعاء واستقبال الحوادث والنواقص بطمأنينة وصبر، وبدلا من الاستظراف برمي أطفالنا في التهلكة لإضحاك الناس فلنعرض للناس مهاراتنا في تعليمهم المهارات، نرجو من أحبتنا مخرجي الأفلام المنزلية أن يكونوا أكثر مهنية وأن تكون أفلامهم أكثر قيمية، فلقد (تفشّلنا) كثيرا أمام الأطفال ولم نعد نعلم أين نخفي وجوهنا عنهم! لأننا اقترفنا الكثير المخجل أمامهم، وعمالقتنا الصغار صبروا على الكثير من جهلنا واستظرافنا لدمائنا!