لن تصدق أنهم في خريف العمر، وقد احدودبت ظهورهم، واشتعلت رؤوسهم شيبا، إنهم مجموعة من كبار السن جاؤوا من بابل العراق، يتسابقون في خدمة مرافقيهم ممن يساوونهم في العمر أو يكبرونهم، وربما آخرون أقل منهم سنا.
حملة انطلقت من بابل في العراق، بـ 62% من كبار السن، أراد من خلالها الحاج سيد الأعرصي، أن يثبت أن للشيوخ عزما يرافق حكمتهم، كان الحاج سيد يمثل القائد في الحملة، ويتقدم بين الحجاج، ويستبدل حاجا بآخر لدفعة عربة سيدة عجوز ويتحاور مع الجميع، ويوجه حامل اللواء بالانعطاف يمينا أو يسارا، ويرشد رفقاءه بالحملة تجاه مخيمهم، واستطاع خلال يومين أن يجعل كبار السن في حملة حجاج بابل بالعراق أصدقاء ومتطوعين، من خلال خبرته في استقدام حجاج بابل لسبع سنوات بترشيد الحجاج، والتسهيل عليهم في أداء مناسك الحج.
ويشترط قائد الحملة قبل استقدام الحجاج على حصولهم على قرار طبي من اللجنة الطبية الحكومية في العراق للموافقة على أداء مناسك الحج، وبين سيد أن رغبته في تمكين هؤلاء الحجاج من حج هذا العام، تأتي لأنهم تأخروا في أداء الأركان وأنهم يتخوفون من مشقة الحج، وبين سيد أن الشيخ الذي طعن في سنه يرى أن رحلة الحج المرهقة حملا لا يطيقه، وأنه يحاول من خلال خبرته أن يؤكد لهؤلاء الشيوخ أنّ لهم عزيمة تتغلب على صعاب الحج، وأكد الأعرصي، أنه استطاع أن يقنع من خلال عمله بنفسه وإقناع الآخرين أن يجعل كل حاج مرافق معهم بالبعثة بتقديم الخدمة ومساعدة الآخرين، وذلك بعد أن استطاع أن يؤلف بين الحجاج ويتسابق عدد من كبار المسنين في دفع عربات السيدات أو حمل بعض الأمتعة، وأكد سيد أن كل كبار السن الذين قدموا حجاجا في الحملة قدّموا لوحة جميلة من الوفاء بين كبار السن، إذ تبدو الألفة كبيرة بينهم وهم يقدرون التعب والإرهاق الذي يعيشه أقرانهم، واستشهد سيد بحاج سبعيني كان يدفع عربة سيدة ثمانينية لا يعرفها إلا في المخيم من مشعر مزدلفة إلى منى.