في أغسطس من العام الماضي، أصدرت منظمة السياحة العالمية تقريرها السنوي لعام 2013 عن قطاع السياحة، وأشارت إلى أن السعودية احتلت المرتبة الأولى بإصدارها 10.362.693 مليون تأشيرة متناسية خلوها من أي تأشيرة سياحية، ويأتي هذا العدد في التقرير اعتبارا لعدد الوافدين لأداء مناسك الحج أو العمرة أو العمل، والحقيقة أن السعودية لا تصنف عالميا كبلد سياحي، ولا بد على منظمة السياحة إسقاطها من التقرير، في حين أن المملكة لا تمنح في الأصل تأشيرة سياحية، وإنما تفرض على القادم إليها وتقيده في استخدام تأشيرة حج أو عمرة أو تأشيرة عمل.
في تصريح للهيئة العامة للسياحة والآثار في التوقيت ذاته، أشارت إلى أن على الراغبين في زيارة السعودية يمكنهم التقدم بطلب الحصول على تأشيرة - وصفتها بالسياحية -
من خلال برنامج العمرة الموسع، الذي تدعي أنه يسمح للأجانب بالتنقل والبقاء في المملكة لمدة تصل إلى 30 يوما، إضافة إلى أن الجهات الأمنية تسمح بزيارة المساجد والأماكن الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة فقط، ولا تمنح الحرية المطلقة في السفر والتجول رغم أن المملكة تزخر بالمناطق الأثرية التي يعود تاريخها إلى القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد، وهذا يعني أن الوافد الذي أجحفت عليه الهيئة بوصفها له "سائحا" يأتي مقيدا وفق ما تحدد له الزيارة لأماكن معينة لا تتعدى الطقوس والشعائر الدينية، فليس من المعقول أن نستقبل زائرا على تأشيرة غير سياحية وتصنفه التقارير على أنه سائح، ثم نقيده بطريقة "حج في حاجة".
وحسب صحيفة الحياة في 19 من فبراير الحالي، تأتي التبريرات بالتصريح الرسمي والفضفاض للمسؤول نائب رئيس الهيئة المساعد للتراخيص والتي تشبه أحاديث المجالس، بوصفه أن هدف الهيئة هو المحافظة على السائح السعودي، وسعيه في جعل السياحة الداخلية الوجهة المفضلة، والواقع عكس ذلك، وهذا ما يتضح في الأرقام الهائلة التي ترصدها البيانات لحركة السفر الخارجية للسعوديين في كل موسم، وربما يكون هذا المسؤول واحدا منهم، ثم يناقض نفسه في آخر التصريح بوصفه أن الهيئة تسعى للتطوير حرصا على استقطاب السائح الأجنبي في المستقبل، ومعبرا بأنه يستقبلهم في الوقت الراهن كضيوف، مشيرا إلى اعتباره أن الملايين القادمين إلى المملكة سياح، وأن مسميات التأشيرات ليس لها معنى!
التأشيرة السياحية المستحيلة توضع وفق آلية محددة، وليس القادم إلى المملكة بمجبر على أداء النسك الديني فضلا عن أن استخراج الترخيص لا يتطلب الكشف عن عقيدة الزائر، وإن كانت السياحة الداخلية لم ترض المواطن ولم ترق لإرضاء السائح الأجنبي، فلا يكفي هذا مـبررا لمنع التأشيرة، غير أن الحرص الحقيقي على التطوير السياحي يكمن في إثراء المملكة باستقطاب السياح والاتجاه إلى التنافس العالمي، وهذا الأمر الذي يمكن أن يرضي السائح السعودي ويستهويه، فإذا كان هذا منطق المسؤول في الهيئة فماذا ننتظر منها؟