في عرفات فقط، وليس في أي بقعة أخرى في العالم، 4 مستشفيات لا تشبه بقية مستشفيات العالم، على الرغم من أنها تشترك معها في كل تفاصيل وتجهيزات العمل الطبي، إلا أن ميزة فريدة جعلتها مختلفة عن الكل.

مستشفيات عرفات الـ 4 تكمن ميزتها في أنها لا تعمل سوى 36 ساعة فقط، فيما تغلق أبوابها بقية أيام العام.. حيث تستقبل في تلك الساعات القليلة آلاف المراجعين، وربما تتجاوز في خدمتها المقدمة خلال تلك المدة القصيرة ما تقدمه الكثير من المستشفيات التي تعمل طوال العام.

ويميز مستشفيات عرفات أنها ليست ميدانية موقتة كتلك التي تنشأ في الحروب، بل تحتضنها مبان حديثة، وتتوزع في جنباتها أحدث الأجهزة والتقنيات الطبية، ويعمل بها أفضل أطباء مستشفيات المملكة الذين يتوافدون إليها من كل مستشفيات المدن ومراكزها الطبية المتخصصة.

766 سريرا للتنويم، و105 أسرة للعناية المركزة في عرفات، تتوزع على 4 مستشفيات هي: عرفات العام، جبل الرحمة، نمرة، شرق عرفات، وتفتح عياداتها الطبية أبوابها في تمام الساعة 8 صباح يوم التروية، وتغلق 8 مساء يوم الوقوف بعرفة، وبواقع 36 ساعة فقط، وفقا لخطة توزيع القوى الطبية العاملة بمشعر عرفات، الذي اطلعت عليها "الوطن".

ما إنْ تدخل أحد هذه المستشفيات إلا وتستشعر حجم ما تقدمه الدولة لضيوف الرحمن، مبان حديثة، وأجهزة طيبة متكاملة، وأطباء بمختلف التخصصات يكفون لسد الحاجة الطبية لدولة كاملة، بل ويخيل لكل من يدخل أي منها، أن هذا المستشفى يضم ملايين الملفات الطبية، ويقبع في قلب أكثر مدن العالم سكانا.

وفي المقابل لا يمكن أن يصدق زائر عرفات "يوم النحر" أن المستشفى الذي تجول فيه أمس، هو ما يراه اليوم، فالمبنى الذي كان مكتظا بـ"البشر" أمس، وتدوي داخله أصوات المراجعين والأطباء والممرضين والممرضات، وإضاءات الأجهزة الطبية، أصبح يلفه السكون، وأغلقت أبوابه، ولم يبق فيه سوى "حارس أمن" تؤنسه قدسية المكان وبركات جبل الرحمة.

ساعات فقط، وتحول ضجيج الأمس إلى سكون تام لا تسمع فيه إلا أصوات صفير الرياح، فيما ينتهي مشهد اكتظاظ آلاف البشر بصورة لـ"إنسان واحد" يراقب المكان، بانتظار موسم آخر يأتيه فيه الضيوف من جديد.