ومثلما نبارك للإخوة الكرام في القطاع العسكري زيادة راتب هم يستحقونه بالفعل، بمثلما نطالب أن تكون هذه اللفتة من القيادة العليا مكان استشعار لواجب المسؤولية. أغلى مكتسباتنا التنموية هو الأمن، وبالقياس العولمي، نحن واحد من أكثر مجتمعات الدنيا شعوراً بالأمن في الإطار العملي، ولكن دعونا نغص في بعض التفاصيل: يزعجنا منظر رجل المرور الذي يشاهد هذه الفوضوية المريعة وهو معنا في الشارع العام ثم يترك هؤلاء المخالفين على طريقة: خل المقود لغيرك. يزعجنا فرد الشرطة أو الجوازات الذي يشاهد عشرات المتسللين والهاربين على ناصية الشارع، وعند إشارة المرور وكأن الأمر لا يعنيه وإذا لم تكن هذه أولى مهامه فما مهامه إذاً؟ تزعجنا دهاليز إدارات الشرطة التي تتهرب عن أن تفتح صفحة لكل قضية حتى لا يتورط الضابط المناوب في متابعة سير القضية ويعمد لإقفالها بالترضية والنتيجة أن أصحاب المنح والشذوذ باتوا أول من يعرف أن كل قصة لا تستغرق تبعاتها نهاية الساعة. دورية الأمن التي تنتظر على تقاطعات الطرق العامة وكأن المجرمين واللصوص لن يفعلوا (فعلتهم) إلا على تقاطع الشارع الرئيسي، فلا أتذكر أن دورية أمن مرت بشارعنا ربما منذ أن بنيناه قبل عقد من الزمن، لصوص المنازل الذين سطوا بشهادة مخفرنا القريب على بضعة عشر بيتا قبل عقد من الزمن وما زالت هذه السرقات ضد مجهول. وبكل اختصار، فقد كوفئ رجال السلك العسكري بما يستحقونه وبما هم أهل له. كل ما نريده اليوم ليس إلا يقظة وتقديراً لولي الأمر ثم تقديرا للمسؤولية. لا نريد أكثر من المطلوب ولا أكثر من حدود المهمة ولكننا لا نريد هذا التراخي الذي يصادر أغلى ما نملك. هذا البلد لم يبن شيئا أكثر من نعمة الأمن وولاة الأمر لم يضعوا على عاتقهم ونصب أعينهم شيئا قبل استتباب الأمن. الأمن هو مفتاح التنمية، وأنتم ذلك المفتاح. وأنا عندما أتوجه إليكم بهذه الملاحظات فهذا لا يعني أن (المدني) لا يعمل ذات الممارسة في مجاله. الفارق أن (العسكرية) ليست مجرد وظيفة من أجل لقمة عيش: إنها جهاد والتزام وأمانة تجاه مجتمع.