اجتمعت القلوب من مناطق السعودية لتخفق على أرض الجنادرية، تراث وثقافة يمتزج بسهر حماة الوطن، كتب عنها كاتب عربي فأبدع الوصف، وهو زائر ومشارك ضمن ضيوف"جنادرية 29".. يقول: "مسؤولية الجيوش والقوات المسلحة كانت دائما الاستعداد للحرب وحماية الأمن القومي والأهداف الاستراتيجية المفترضة، لكن الفراغ كان دائما يحدث في الجبهات الخلفية، جبهات التعبئة الفكرية الإنسانية الحضارية، وغرس محبة الوطن والأرض واحترام القيادات السياسية. فرسان وفراسة.. هو مشروع الجنادرية. القوات المسلحة السعودية اكتشفت قبل العديد من الدول المتحضرة، أن دبلوماسية كسب الرأي العام الدولي في زمن السلم، لا تمر باستعراض وحدات قتالية وأسلحة حديثة وعرض عضلات، بل بتوسيع رقعة الأصدقاء وخطاب حضاري جامع، عناصره الشعر والإنشاد، واللوحة الفنية".

ما لفتني أن كل ما يطوق هذه الاحتفالية الوطنية مفعم بالاندفاع للارتواء من الشغف بالتراث والفنون الشعبية والطاقة الإيجابية، ولا يمكن لمهتم ومتابع للخط الوطني في الإنتاج الفني المتعلق بالأوبريت السنوي المصاحب لليلة الافتتاح، عدم ملاحظة نوعية التغيير والإبداع في كل دورة.. أوبريت "كوكب الأرض" عزفت كلماته ولحنه في القلوب، ولوحاته الفنية البديعة لا يراها من يرصد ويتجاهل الحس الفني الوطني في تفاصيلها.

لم يرد اسم من وقف خلف تصميم اللوحات الفنية التي تمزج بين الفن المعاصر والإرث التاريخي الوطني السعودي مع استحضار طابع الثراء والتنوع في العرضات السعودية المقدر عددها 12 لوحة غنائية استعراضية.

التقصي قادني لمعرفة المواطن السعودي الذي سهر مع الساهرين لإخراج هذا الانجاز الشاب "يوسف المرخان" مصمم لوحات ومدرب رقصات شعبية، وفقا لطارق الجبر مدير الإنتاج بمجموعة "mbc" المنتج المنفذ لأوبريت كوكب الأرض، لم يمنح هذا المبدع حقه في ذكر اسمه للتاريخ، وهذه خطوة ضد كل ما ننادي به لتأكيد المواطنة، وحق المبدع الذي يوجه إبداعه لوطنه، ربما يزيده التجاهل إصرارا ليتحدى مستقبلا ويصل إلى من يقدر مجهوده الذي لامس الوجدان الوطني. إعادة مشاهدة الأوبريت ستؤكد ما أتحدث عنه، الطابع الوطني والبصمة السعودية كانت واضحة، وتستحق إشادة وقراءة فنية صحفية لهذه التجربة، أوبريت هذا العام مميز كما سابقيه، ومشاركة أبناء المناطق في العروض من أكثر اللوحات المحبوبة في الأوبريت، خاصة لأهمية التوثيق.. هذا تاريخ وطني لأجيالنا وليس لنا فقط..!

نطالب بأن يكون المبدع متحملا لمسؤولياته الوطنية، ويجير المثقف والفنان جهوده لخدمة دينه ووطنه ومجتمعه، وعندما يسهم شباب الوطن في رسم الصورة المذكورة أعلاه في تعليق الكاتب يستحقون شكرهم، تجاهلهم وغياب ذكر جهودهم حتى على تتر ختامي يمر سريعا بنهاية الأوبريت فيه إجحاف وقسوة.. عن الجنادرية للحديث بقية..!