الذي يظهر لي أن وزير التجارة يعمل بمفرده.. دون أي طواقم إعلامية، أو الاستعانة بمكاتب خدمات "التلميع الساطع"!

وهذه الخدمة متوافرة بكثرة لمن لا يعرف عنها شيئا.. ويتلخص دورها في ملاحقة أخبار شخص ما ـ سمّه ما شئت ـ ومتابعة نشاطاته، حتى وإن كانت وهمية، وإبرازها للرأي العام.. طبعا بعد إعدادها في "فرن" خاص، وإضافة بعض البهارات والنكهات الصناعية إليها، ومن ثم توزيعها من خلال موزعين معتمدين يعرفون باسم صحفيين وكتّاب!.

وفي حال لم يكن هناك أخبار يقوم "الفرن" ـ المحترف والخبير ـ بابتكار مواد غذائية خاصة بهذا الشخص ـ أياً كان حجمه ـ ويقدمها بأسلوب ذكي للمستهلك وللمنافسين على حد سواء.. طبعا هذه الخدمة لا تتم دون مقابل.. صاحب الفرن يحصل على نصيبه من الكعكة، والكاتب والصحفي يحصل كل منهما على نصيبهما أيضا، و"يا بخت من نفّع واستنفع" ـ بالمناسبة عدم قناعتي بهذا النوع من العمل الصحفي لا يقلل من قيمته كأسلوب معروف في كثير من دول العالم!.

الذي يظهر لي ـ كما قلت في السطر الأول ـ أن وزير التجارة لم يتعاقد مع أي فرن أو مخبز خاص، هو من يقوم بإعداد الخبز ـ الخبر ـ الخاص به، وينشره في حسابه في "تويتر" بعفوية تامة، ومن ثم تلتقطه الصحافة وتصنع منه مادة صحفية.. عدا ذلك ليس للرأي العام في السعودية سوى ما ينشره قسم العلاقات العامة في الوزارة.. وهي كما اعتدنا في نظامنا الإداري أقسام إدارية روتينية، يديرها غالبا موظفون ليس لهم علاقة بالعمل الصحفي لا من قريب ولا من بعيد!

ربما ـ أقول ربما ـ هذا أحد أسباب نجاح الوزير، وهو سياسة نادرة تعتمد على العمل بصمت وهدوء.. الذي دفعني لكتابة ما سبق هو خبر نشره هذا الوزير عبر حسابه الشخصي في تويتر، يتحدث من خلاله عن قيام وزارته بإغلاق مكتب إحدى الشركات العقارية؛ لقيامها بنشر إعلان مخاتل يخدع المستهلك المحلي، من خلاله تلاعبه بسعر سلعة، والإعلان عن سعر غير صحيح.. وهذا النوع من الإعلانات القذرة التي تتعامل معنا على أننا شعب ساذج، لطالما استفزتنا كثيرا دون أن نظن يوما أن هناك من سيأتي ويخلصنا منها بصمت.. فعلا، اعمل بصمت، ودع إنجازاتك تتحث عنك!.