عند الحديث عن الأخطاء الطبية، ومدى الضرر الناتج عنها، الذي لا يكتفي بتعذيب شخص واحد عادة، بل أسرة ومجتمع وشعب بكامله أحيانا؛ فالطعام والشراب والتعليم والعلاج حاجات إنسانية تكمن في "خانة" الضروريات لا يمكن أبداً أن تُصنف بأنها من كماليات العصر، وقد ابتُلينا في الفترات الأخيرة بـ"هوائل" متعددة تبدأ بالشهادات "المضروبة" وتنتهي بـأخطاء طبية مميتة كانت آخر فصولها وفاة زبيدة ذات السبعة عشر خريفاً!

وبما أن الضرب في الميت حرام، فلن أُفند الفظائع التي يرتكبها المستشفى الخاص "إياها"، الذي لازال يتذكر ويعرف جيداً مرارة إغلاق المنشأة حين تسبب بوفاة ابن الذوات، لكنني هذه المرة سأذهب بعيداً هناك نحو الزاوية العمياء التي لا يُهتم بها، بل ولربما لم تخطر على بال من يتابع الأخطاء الطبية وتكرارها. هذه الزاوية قادتني للتفكير في أمرٍ مهم هو: من الذي يمنح رخصة مزاولة المهنة للأطباء؟ من الذي عليه مهمة فحص واختبار حقيقة كفاءة أي طبيب؟ من الطبيعي أن وزارة الصحة هنا ممثلة بهيئة التخصصات الصحية هي الجهة المخولة بمنح هذه الرخصة.

إذن، لماذا تتجه سهامنا دائماً نحو المستثمر في القطاع الطبي؟ هو في النهاية تاجر يبحث عن موظف بهيئة طبيب ليكون له ماكينة تصنع المال، وهو يتترس بالأنظمة والقوانين ليحمي نفسه "كتاجر"، فيستوفي متطلبات التعيين ويعين طبيبا بعد اجتيازه متطلبات حكومية بحتة، ثم إن حدثت أخطاء طبية تهرع وزارة الصحة لمحاسبة ومعاقبة المنشأة بل وربما إغلاقها، بينما هي من تسبب بهذه الكارثة حين منحت هذا "المزور" أو "الجزار" مسوغاً قانونياً ليمارس القتل باسم مهنة تسمى الطب! وبكل بساطة يتحمل التأمين قيمة الدية التي قد لا توازي نصف أو ربع قيمة ناقة مزيونة على الأكثر!

خاتمة: كم هو مؤلم أن تفقد روحاً بسبب مطامع دنيوية بحتة وأخطاء إدارية بديهية تجاوزها العالم الأول منذ عقود.