قال عضو الأمانة العامة لمؤتمر قادة وزعماء الأديان بكازاخستان ورئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية الأمين العام لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور ماجد بن عبدالعزيز التركي، إن مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أسست لرؤية إسلامية شاملة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات والحضارات على المستوى العالمي، مشدداً على أنه لولا الاختلاف بين الناس لما كانت هناك جدوى أو ضرورة من الحوار الذي يسعى له الجميع. وانتقد التركي فى حديث لـ"الوطن" بالعاصمة الكازاخية أسطانة على هامش مشاركته فى الاحتفال بمرور عشر سنوات على انطلاقة مؤتمر قادة وزعماء الأديان بكازخستان، ضعف الوجود العربي في منطقة وسط آسيا الإسلامية والتي يرى أنها بحكم خبرته منطقة جائعة للمعرفة الإسلامية الصحيحة، لافتا إلى الدور السلبي الذي تلعبه بعض الدول ومنها إيران في التأثير على صورة العرب لدى شعوب المنطقة.
وحول مدى تكامل مؤتمر قادة وزعماء الأديان بكازاخستان مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار، قال التركي الذي ترأس الجلسة الأولى لمؤتمر قادة الأديان بكازاخستان: مبادرات الحوار بدأت منذ عقود ولكن لم تكن مؤتمرات بقدر ما كانت لقاءات وكان يشوبها كثير من التردد والتوجس من ردة فعل الرأي العام في كل الاتجاهات المحيطة بالحوار، سواء في العالم المسيحي أو العالم الإسلامي، لكن الآن تجربة الحوار نضجت ثم ازدادت أهميتها مع كثرة المشكلات، وتأثير مشكلات كل دولة في الدولة الأخرى، فالحوار أصبح وسيلة وضرورة معاصرة للتواصل بين الناس، سواء بالتفاهم، أو التعارف، أو حل المشكلات، تواصلت الفكرة حتى نضجت وأصبحت هناك منتديات، ومنظمات وقد انطلقت بالفكرة بالنسبة لكازاخستان من الواقع الكازاخستاني الذي يضم أكثر من 140 قومية ونحو 17 ديانة ولغة وثقافة مختلفة لكن استطاع المجتمع الكازاخي أن يعيش متوائماً ومتفاهماً، وأصبح نموذجاً للتفاهم والتعايش، ومن هذا الواقع جاءت فكرة المؤتمر وعقد المؤتمر الأول في 2003، بعد ذلك أصبحت المملكة عضواً في الأمانة العامة، حيث تم تكليفي بالقيام بهذا الدور بطلب من الجانب الكازاخي وقد وافقت المملكة لأصبح مندوباً دائماً في أمانة المؤتمر، وأصبح هناك توافق في الرأي مع التجربتين الكازاخية ومبادرات خادم الحرمين الشريفين، وهي المبادرات التي أسست لرؤية إسلامية شاملة للحوار بدأت في مؤتمر مكة بغرض التأسيس بين علماء الإسلام لمنطلقات الحوار مع غير المسلمين من المسيحيين واليهود، ثم انطلق المؤتمر في دورته الثانية بمدريد ثم نيويورك ثم النمسا وكان هناك توافق في الرأي مع الخارجية السعودية والخارجية الإسبانية والخارجية النمساوية لتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لحوار الحضارات.
أما عن سر عدم وصول ما تم إنجازه في مستوى الحوار الفكري بين القادة إلى الناس والشارع، يقول التركي: لنكن أكثر صراحة، إن متطلبات الحوار هي لقيادات الرأي أكثر منها إلى الشارع والمجتمع بوجه عام، وإذا صار عندك توافق بين القيادات السياسية والدينية والثقافية فيقود هذا إلى التأثير المباشر في الشارع العام، فليس الغرض من المؤتمرات التأثير في الشارع بصورة مباشرة ولكن التأثير في الشارع من خلال قادة الرأي العام. وعن تقبل المفكر أو العالم المسلم للجلوس مع ممثل للديانة اليهودية في حين أن المواطن أو الطالب المسلم في الجامعة ما زال يجد غضاضة في أن يفعل ذلك، يقول التركي: نعم صحيح الحوار بين القيادات والزعامات والمسؤولين ولكن هناك مجموعة من قنوات التواصل التي تصل إلى عموم الناس، فمعظم أمانات المؤتمرات ومراكز البحوث لها مواقع على الإنترنت، وجيل الشباب أصبح يعيش على الإنترنت وعلى قنوات التواصل، لذا ارتفع كثير من الحساسيات في التعامل مع الآخر الديني، فأساس التفاهم هو التعارف، والتعارف يزيل الهاجس، وأتصور أنه من المهم أن نواصل الجهود من أجل التعارف.
أما عن الجزئية الخاصة بالحوار مع الفاتيكان، حيث سبق أن أساء بعض رموز الفاتيكان إلى الإسلام وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وجان لويس توران نفسه- رئيس المجلس البابوي للحوار- هاجم الإسلام، وقد علق الأزهر حواره مع الفاتيكان، قال التركى:
لولا وجود الاختلاف لما وجد الحوار، ولو كنا متفقين لما احتجنا للحوار، فالحوار مطلوب لأننا مختلفون، ولأنه بيننا قضايا عالقة نحتاج للحوار، أنا في أحد نقاشاتى مع أحد ممثلي الفاتيكان كنت أقول له دائماً: ليس الهدف من الحوار مع الآخر أن أغير دينه، أو فكره، وإنما أن أتعرف عليه ويعرف فكري، وأعرف فكره، وهذه وسيلة للتعارف، وهذا جانب، أما الجانب الآخر فهو الذي أكدته، وهو أن هناك قيماً مشتركة وهناك قيماً مختلفة، فأنا أقول إن الحوار يقوم على التفاهم وعلى الاحترام، والتفاهم على القيم الجامعة المشتركة. أما عن استغراب بعض الدوائر الغربية من إلحاح المسلمين على الحوار مع الآخر غير المسلم على رغم أن المسلمين أنفسهم ربما لا يتحاورون مع بعضهم البعض فلا يحتمل السني الشيعي، ولا الشيعي يحتمل السني وكذلك المذاهب، يقول التركي: بعض هذا الكلام يطلق وهو غير صحيح لجهل من صاحب الكلام أو لعدم المعرفة، وأحياناً بغرض إحراجك وهذا غير صحيح، فمثلاً لو أتينا إلى المذاهب الفقهية الأربعة، نجد أن الإمام مالك هو شيخ الإمام أبو حنيفة، والإمام أبا حنيفة هو شيخ الإمام الشافعي والشافعي تتلمذ عليه الإمام أحمد، بل إن كتاب العقيدة الذي يدرس في جامعات الحنابلة في السعودية هو العقيدة للطحاوي وهو والشارح للكتاب أبوالعز الحنفي والقول بهذا الكلام هو الخطر الحقيقي، فالخلاف هو اختلاف تنوع ومن يقول هذا الكلام جاهل بالعلاقة بين المذاهب.