كنت في مدينة "هيوستن" بولاية تكساس الأميركية شتاء 2011، وكان أن اقترحت عليّ زوجتي زيارة مزرعة عامة تحاكي تاريخ "رعاة البقر".. ترددت قليلاً لكنني في النهاية رضخت للأمر الواقع.

كان الاتجاه إلى مزرعة "جورج التاريخية George Ranch"، التي كانت مزرعة حقيقية لعائلة "ألبرت جورج" في المئتي سنة الماضية، لكن العائلة وهبتها إلى مؤسسة خيرية تهدف إلى تثقيف الجمهور والزائرين بتاريخ وحضارة منطقتهم، فهي تقع على بعد 48 كليو من وسط المدينة فقط.

لكن الأمر مختلف في هذه المرزعة؛ كونها اعتمدت على تتبع مسيرة حياة عائلة أميركية أحيتها منذ عام 1824، وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تتكون من مجموعة منازل ومزارع متعددة، كل منها يمثل عصراً مختلفاً ومرحلة تاريخية مرت بها عناصر الحياة والمدنيّة هناك، إذ يبدأ الزائر بالمسكن الذي يمثل منازل عام 1830، حينما كانت الولاية لا تزال جزءاً من المكسيك، ثم منزل طراز عام 1860، ثم البيت الأساسي للعائلة بالطراز الفيكتوري لعام 1890، ثم المنزل شبه الحديث على طراز 1930، أي خلال فترة الركود الاقتصادي الكبير، مما يجعل الزائر يلاحظ من خلال ملامسته للواقع أمامه مدى التغير الذي اختبره سكان هذه المنطقة.

واللطيف في الأمر أنها تزخر بوجود مزراعين ورعاة بقر حقيقيين، يعملون بجدٍ وسط جموع الزوار، وتختلف أزياؤهم وطريقة عملهم بناءً على الفترة الزمنية التي يمثلونها، بالإضافة إلى حظائر الحيوانات والبقر كذلك، ولا تنس متجراً في نهاية الجولة يبيعك منتجات المزرعة من الخضراوات والفواكه والمربى واللحوم، والأهم كتيبات ونشرات عن تاريخ المنطقة.

غني عن القول، إن هذه المزرعة العامة تفتح أبوابها طوال العام، على عكس جنادريتنا الضخمة، وبأسعار رمزية، وتحولت مع مرور الزمن إلى عامل جذب سياحي، ومركز مبتكر لتعليم وتثقيف الأطفال والكبار على حدٍ سواء.