جاهد كما تريد، ولكن في ميادينه.. وقاتل بكل قوة تكن أنت "الإنسان" الذي يحب الخير للجميع.. وسوف تتسامى نفسك حين تجاهدها لتقدم "التسامح" على "الانتقام".. فتنتصر بالرحمة لا بالعدل رغم حقك فيه.

يعد البعض "الانتقام" غاية الانتصار على الظالم ورد الحق لأهله، بينما "التسامح" أقسى على الظالم من "الانتقام"، وأشد إيلاما في نفس الظالم من الانتقام، الذي قد يجعله يتألم مرة واحدة، بينما بالتسامح يتألم كلما رآك أو تذكر تسامحك أو ذنبه.

لكن لا يزال "الانتقام" يتعالى على مبدأ "التسامح" في مجتمعاتنا، فهذه عبارات "التهديد بالمقاضاة" تتصدر حوارات المختلفين في ميادين الاختلاف.

الجهاد عزيز.. والمجاهد قوي نفس.. أيا كان الجهاد، وأحد مواطن الجهاد هو مجاهدة النفس إلى فضيلة "التسامح" والتخلص من شرارة "الانتقام".

في كتاب "التسامح.. القوة المنسية" الصادر عام 2006 عن مجلة "المعرفة" شخّص الكاتب زياد الدريس في المقدمة حضور الانتقام وغياب التسامح بقوله: "لا يوجد سبب جذري يمنع الناس من التسامح مثل خوفهم من أن يُفسر تسامحهم بأنه ضعف". وحاول أن يؤكد أن التسامح قوة وليس ضعفا فقال: "التسامح هو التنازل عن الحق.. والانتقام هو أخذ الحق..

التسامح هو تناسي السوءات.. والانتقام هو تناسي الحسنات..

التسامح لا يسلبك كل حقوقك.. والانتقام لا يمنحك كل حقوقك..

التسامح يأتي من الشق الملائكي في الإنسان.. والانتقام يأتي من الشق الشيطاني في الإنسان..!

أخي الإنسان: لا أحد يطلب منك أن تتحول إلى ملاك، لكن الجميع يتمنى ألا تصبح مشروع شيطان..".

أدرك أنه لا يمكن أن نتعلم التسامح من خلال مقال أو كتاب أو برنامج تلفزيوني كما قال الدكتور عبدالكريم بكار في الكتاب ذاته، ضمن مجموعة مقالات لكتاب ومفكرين، وقال: "كما أن التسامح لا يشكل مجموعة مواد نضعها في مقدمة دستور ونحاول التقيد بها، إنه شيء أعمق.. التسامح يسري في أعماق نظم التفكير والتعبير السوي، وشيء نتعلمه بطريقة لا واعية من خلال العيش في بيئة ثقافية، تنظر باحترام وتقدير إلى الظروف الصعبة التي يمر بها الآخرون..."

(بين قوسين)

مجلة المعرفة وكبتها كانت وما زالت ثرية فكرا وأدبا، لكن توزيعها محصور في المدارس.