أي حديث عن خطط مستقبلية استراتيجية لا يأخذ في اعتباره المتغيرات والنمو السكاني هو حديث فارغ، يتم استحضاره من أجل "تمضية الوقت"، وتخدير الناس، لا أكثر ولا أقل.. بمعنى أشد وضوحاً: قذف المشكلة إلى الأمام، حتى تنجو، ويتحملها غيرك!
بعض الأرقام مفزعة، منها ما أشار إليه الزميل العزيز "راشد الفوزان" المتعلق بإحصاء مؤسسة النقد أن عدد المواليد بالمملكة تجاوز 600 ألف مولود سنوياً، وهو ما يعني أن الزيادة السكانية في السعودية كل عشر سنوات تتجاوز 5 ملايين!
تعريف الرقم -الذي أورده الزميل- في "ألف باء" التنمية والتخطيط هو رقم مربك، لن أتحدث عن الأسطوانة الجدلية "تنظيم النسل"، الرقم تجاوز ذلك، تعملق حتى أصبح أكبر من كل وسائل التنظيم، لا أعرف -اعذروا جهلي- خطة مستقبلية واحدة معلنة لاحتواء هذا الانفجار السكاني الضخم عالمياً بحسابات النسبة والتناسب!
الذي لا ترعبه هذه الأرقام واحد من اثنين، إما أنه مقيم بيننا لفترة من الزمان وسيغادر إلى مكان آخر حينما تقع " الطوبة في المعطوبة" -كما يقول المصريون- أو أنه في غيبوبة تامة!
لو طرحت الرقم على طفل صغير سيبادرك: "أين سيسكن هؤلاء، أين سيعالجون، أين سيتعلمون، أين سيعملون" .. اليوم نعاني من عدم قدرتنا على توفير مساكن لطوابير البشر في كل مناطق بلادنا، ما الذي سيحدث بعد خمس سنوات!
المكاشفة هي أسرع الطرق نحو تدارك الأمور، نحن بحاجة لكشف علني منفرد من مؤسسات الصحة والتعليم والإسكان والمواصلات والمياه وغيرها -كل على حدة- يتضمن خططها التوسعية، كما أننا بحاجة لضمان حصول إنسان اليوم على نصيبه من التنمية، يفترض أن نكون حريصين على عدم الإخلال أو السطو على نصيب إنسان المستقبل.
إن عجزت مؤسسات الدولة بطواقمها الحالية عن طمأنتنا عملياً، فلا حل سوى التغيير وتجديد الدماء، نستعين بقيادات جادة شجاعة تضع لنا النقاط على الحروف، ينبغي أن نمتلك روح المبادرة نحو مستقبل أكثر أمناً..
الانتظار والتسويف يعقد الأمور أكثر!