كم كنا نخجل عندما نلتقي بمعلم فصلنا في السوق أو في الطريق، وكم كان له من التقدير والاحترام، بل يا لها من هيبةٍ عظيمةٍ كان يتمتع بها ذلك المعلم، كل ذلك لم يعد في زمننا هذا، فعندما تزور ابنك في المدرسة وتراقب تحركاته بخفيةٍ تجده جالسا على طاولته بدلاً من الكرسي، وتجد الأصوات تتعالى من حوله، وتجد ورقات ملفوفة تتطاير من هنا وهناك، بل وتجد من يغط في سباتٍ عميق بحجة المرض، كل هذا والمعلم واقف يؤدي رسالته التعليمية.

قتل النجاح عندما ضاعت هيبة المعلم، هكذا أستطيع أن أربط مخرجات مدارسنا اليوم بغياب هيبة المعلم التي تندرج تحتها الكثير من النجاحات التي خرجت أجيالا ناجحةً مثابرةً تحترم الكبير وتفي بمهامها.

لا عجب عندما تطلب من ابن التاسعة كتابة اسمه فلا يعرف، ولا عجب عندما تسأل خريج المرحلة الثانوية عن اسمه باللغة الإنجليزية فيقول لك "بالعربي لو سمحت".

من ناحية أخرى أصبح التقويم المستمر كابوسا يؤرق أولياء الأمور حتى أسموه تنوما مستمرا، من شأنه جعل الكثير من الطلاب يتنقلون إلى مراحل ليسوا بأهل لها، وشوش مستوى الطالب لدى ولي أمره، وخلق نوعا من اللامبالاة عند الطالب مما يساعد على إخراج جيل غير كفء لقيادة دفة التقدم.

لقد تم تناول هذين الموضوعين كثيرا في وسائل الإعلام المقروءة اليومية، وفي برامج تلفزيونية مثل برنامج الثامنة وبرنامج الرئيس؛ غير أننا لم نلحظ أي تغيير جذري على الساحة العملية، وذلك بالتزامن مع وقوف الوزارة في صف الطالب دوما، وعدم العمل بمبدأ الإنصاف لحق المعلم.

وما نتمناه هنا ألا تكون هيبة المعلم من ذكريات الماضي، وأن نعيشها واقعا في فصول أبنائنا. وبالمقابل يجب أن يعي الطالب عظم رسالةً المعلم التعليمية والتربوية، وأن تتم معالجة التقويم المستمر بما يضمن لنا مستويات مشرفة لخريجي التعليم العام، وعدم الربط بين تكاليف الطالب على الوزارة وبين عملية إنجاحه.