يراهن مدير الجامعة الإلكترونية الدكتور عبدالله الموسى، على مخرجات جامعته، ويقول إنه يطمح إلى أن تكون "الرقم واحد" في المملكة، وإلا فلا داعي لوجودها، مشدداً على أن الجامعة تتيح الفرصة للجميع دون قيود، إلا أن ذلك لا يعني تساهلاً في المعايير. وقال إن الجامعة تستهدف المؤسسات الكبرى والوزارات، لإنشاء برامج مستحدثة لموظفيها، من بينها برنامج لأمن المعلومات بعد حادثة اختراق موقع أرامكو السعودية.
وتوقع الموسى أن يتم احتساب سنوات الخبرة كعامل مساند للقبول في برنامج الماجستير خلال الأعوام الخمسة المقبلة، فيما رفض انتقاد المجتمع للجامعة بالتدريس باللغة الإنجليزية، لافتاً إلى أنه نمط جديد من التعليم يجمع بين التعليم عن بعد، والتعليم التقليدي، قائلاً: "من يأتينا لغرض الشهادة فقط فأدعوه ألا يأتي". وأشار إلى أن الجامعات خشيت من تطبيق هذا النظام، رغم دعوة الحكومة إلى تنفيذه.
وأعلن الموسى أن العام المقبل ستفتتح فروع في كل من جازان والطائف وتبوك، مشيراً إلى أن الجامعة استقطبت طلابا معدلاتهم بلغت 99%، فيما تقدم إليها شخص عمره 58 عاماً.
كلام الموسى جاء في حوار شامل أجرته معه "الوطن" هنا نصه:
تشهد الجامعة الإلكترونية عامها الثاني حالياًّ، ماذا تحقق منذ البداية؟
خلال العام المنصرم انضم إلينا نحو 6 آلاف طالب وطالبة، في ثلاثة فروع بكل من المدينة وجدة والدمام والمركز الرئيسي الرياض، والعام الحالي أضفنا ثلاثة فروع أخرى في أبها والقصيم والجوف، وتقدم لنا 43 ألف طالب، إلا أن البعض يتقدم لكنه قد لا يأتي، ونحن استدعينا نحو 23 ألف طالب وطالبة كمرحلة أولى، جاءنا منهم 11 ألفاً، وقمنا بطلب استدعاء 8 آلاف منهم، والهدف أن نصل إلى نحو 20 ألف طالب وطالبة.
التعليم المدمج
هل تعتقد أن الجمهور استوعب نظام التعليم في الجامعة الإلكترونية كتجربة حديثة تطبق لأول مرة؟
الجامعة الإلكترونية نظامها فريد، وهو التعليم المدمج، وليس التعليم عن بعد لوحده فقط، وهو يجمع بين الحضور (مرة واحدة في الأسبوع) وتمثل 25% والتعليم باستخدام التقنية، فالجامعة جاءت لتحقق رغبة معينة، وهي قد لا تناسب الجميع في المملكة، حيث إن الدولة لديها نظام التعليم العادي، والانتساب، والانتساب المطور، والموازي، والتعليم الإلكتروني، إلا أننا نقدم نظاما جديدا اسمه التعليم المدمج، وهو تجربة حديثة. وسياسة الجامعة وفق توجيهات القيادة، ومتابعة وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري، أن يكون لها نمط مختلف، وبالتالي لا عذر لمن يرغب في التعلم، حيث إننا لا نشترط اختبار القدرات، ولا التحصيلي، ولا نسبة الثانوية، ولا سنة التخرج، ولا سناًّ معينة، فما دامت هناك رغبة، فإن الدولة تتيح الفرصة لمواطنيها، إلا أنني أؤكد لك أن التعليم في الجامعة هو نوعي، فمن يرغب أن يأتي لمجرد أخذ شهادة، أقول له: لا تأت، نحن أتحنا سهولة الدخول، ولكن مع ذلك فإننا نتبع معايير دولية، وشاركنا عددا من الجامعات في فلوريدا، وأوهايو، وفرانكلين، ويورك، وبرنامج اللغة الإنجلزية، ويلسون، ومايكرو هيل.. وأينما كانت هناك مادة علمية جيدة في العالم استقطبناها للطلبة.
نقد المجتمع
كيف واجه المجتمع تجربتكم؟
هناك نقد من المجتمع، كوننا ندرس باللغة الإنجليزية، ونرد على ذلك بأننا نتبع نمطا جديدا في التعليم، فهنالك على سبيل المثال تخصصات مثل العلوم الإدارية تقدمها 24 جامعة باللغة العربية في المملكة، وهناك أشخاص يرغبون التعلم باللغة الإنجليزية فلماذا نحرمهم من ذلك؟ ونحن لم نأخذ حق الجامعات، فلماذا نلزم باتباع نفس النمط؟ والدولة تقدم خمسة أنماط من التعليم، وهي مفتوحة أمام الجميع، ومن يتقدم إلينا فهو يتقدم برغبته واختياره.
معايير عالمية
ذكرت أن الجامعة لا تضع شروطاً للانضمام لمرحلة البكالوريوس، وهذا يتيح الفرصة لمن لديه تعثر، ولكن ماذا عن الماجستير، فالشروط لديكم مقاربة لما يقدم في الجامعات الأخرى إن لم تكن أكثر؟
نحن يهمنا الاعتماد الأكاديمي الدولي، وحتى نصل إلى ذلك، فلا بد أن يكون لدينا تحالف مع جامعات عريقة مصنفة في هذا النوع من التعليم، فهذه الجامعات حتى هذه اللحظة لا تقبل بمعدلات أقل، ونحن لا نرغب أن يكون لدينا تعثر في قضية الاعتماد، وبالنسبة للبكالوريوس، فهو يختلف حسب المعايير الدولية، على اعتبار أن التعليم الجامعي العام يجب أن يتاح للجميع، أما الماجستير فيجب أن يكون وفق معايير عالمية تقرها كافة دول العالم، لكن أتوقع خلال الخمسة أعوام المقبلة، ربما تضاف معايير مساندة كالخبرة العملية، إلا أنه يهمنا رأي الجامعات التي نتعاقد معها لأن ذلك يمنحنا قوة.
معايير
بعد مرور عام، من هو جمهور الجامعة الإلكترونية الحالي؟
أعتقد أن الجامعة تسير على الطريق الصحيح، وكان الناس يتوقعون أن يكون جمهورها من الموظفين فقط، إلا أن نسبة من تقدموا إلينا من الخريجين الجدد خلال العام المنصرم كانت 20%، وارتفع هذا العام إلى 28%، وهؤلاء ممن لم يتجاوزوا 3 أعوام بعد التخرج من الثانوية العامة، وأنا أتوقع أن هناك فئة ترغب العمل، والدراسة في آن واحد، وبالتالي أصبح جمهورنا هم خريجو الثانوية، الذين لم يستطيعوا الحصول على المقعد الذي يرغبون به، حيث إن الجامعات السعودية لديها مقياس معين للقبول، تحدده السنة التحضيرية حتى وإن كان مستوى الطالب جيدا إلا أن هناك من هو أفضل منه، أما في الجامعة الإلكترونية فلا أحد يلزمك باختيار تخصص معين، ولكن أنت من تحدد ذلك.
هل من بين من تقدموا إليكم، من ذوي المعدلات المرتفعة في الثانوية العامة؟
نعم هنالك الكثير، ولدينا متقدمون نسبتهم 99%، وفي الجانب الآخر لدينا من حصل على معدل 69%، ورحبنا بهم، إلا أن معيار الجامعة في السنة التحضيرية مبني على معايير مركز القياس الوطني، ومعيار الرياضيات مع جامعة فرانكلين، وأما كتاب الـ"IT" فقد أعدته بشكل مطور "ويلسون" و"مايكروهيل"، وهم يشرفون على الاختبارات، وهي مركزية وموحدة، ونتوقع أن تنمو نسبة الطلاب حديثي التخرج إلى 50% خلال خمسة أعوام.
نمط جديد
• هل يوجد لديكم طلبة من كبار السن؟
خلال العام المنصرم انضم إلينا أحد الطلبة في الـ58 من عمره، والجامعة مهمتها إتاحة الفرصة للتعليم، وأطلب من الناس التفريق بين التعليم عن بعد، والتعليم بالانتظام، والتعليم المدمج، وهو نمط جديد يجب أن تكون له هويته، وأن تتميز الجامعة، ولا تكون نسخة من الجامعات الموجودة، حيث إنها أسست لغاية معينة هي تحقيق رغبة المواطنين الذين لم يستطيعوا الحصول على رغبتهم.
هل تواجهون مشكلة في الصورة الذهنية مع الجمهور، خصوصاً في تقبل فكرة نظام الجامعة؟
هناك تحسن كبير من هذه الناحية، والعام الحالي أفضل من العام المنصرم، ونتوقع أن يحتاج الأمر لخمسة أعوام أخرى، حتى يستوعب الناس الهدف من الجامعة، ونمطها الجديد، فهي جاءت مكملة، وليست نسخة مكررة أو بديلاً لجامعات أخرى، فالدولة لم تلغ جامعة، وقالت إن هذه أتت مكانها.
3 شعارات
هل ستستمر الجامعة في اقتصار منهجها على التدريس فقط، أم سيكون هنالك مجال للأبحاث لاحقاً؟
الجامعة منذ نشأتها رفعت ثلاثة شعارات، الأول هو المملكة العربية السعودية، والمعرفة، والقيم، والمهارات، وهي ليست بحثية، ولا نرغب أن نشغلها بذلك، أو نخوض في أمور أخرى، إلا فيما يخص بتطوير المناهج، والأبحاث التي تساهم في تطوير الجامعة ككل، وما يخدم العملية التعليمية.
60% طالبات
• هل هناك إقبال من فئة الطالبات؟
هناك إقبال كبير، ونسبة الطالبات لدينا 60%، وهذا يوفر على الدولة، من حيث الطاقة والنقل وغيرها، فالمبنى هنا يستوعب 10 آلاف، وهناك فئة تأتي الصباح، وهناك من يأتي في المساء، وأتحنا للطلبة حرية الاختيار، بين الفترات.
ماذا عن زيادة عدد التخصصات، هل لديكم هذا التوجه حالياًّ؟
لدينا عشرة تخصصات قادمة، من بينها القانون، واللغة الإنجليزية، والإعلام الإلكتروني، والصحة العامة، وكلها مبنية على متطلبات سوق العمل، ونحن غير ملزمين بالاستمرار في أي تخصص، وإذا اكتشفنا أن التخصص غير مجد ولا يحتاجه الناس فبإمكاننا أن نقفله، ونحن لا نلزم الطلبة بالدراسة في تخصص معين، ونطمح بتلبية كافة رغبات الطلبة.
مناهج دولية
بالنسبة للمناهج، ما هي نوعية المناهج التي تعتمدها الجامعة؟
في الواقع، لم نقم بإعداد مناهج محلية، وإنما أخذنا أفضل المناهج المعتمدة سواء من الجامعات أو من المنظمات الدولية، وقمنا ببعض تعديلات على دراسات الحالة، وبعض الموضوعات، وأعدنا بناءها، بما يتناسب مع ثقافتنا.
ميزانية مستقلة
في حوارك السابق مع "الوطن"، ذكرت أن ميزانية الجامعة تخضع لوزارة التعليم العالي، متى ستصبح مستقلة؟
الآن أصبحت ميزانيتنا مستقلة، وقائمة بذاتها، وقد سبق الإعلان عنها، وهي تقريباً تعادل 354 مليون ريال، وبإضافة المشاريع المعتمدة فإنها تعادل نحو 496 مليونا، والعام المقبل سنفتتح فروعا في جازان والطائف وتبوك، بعد أن افتتحنا 3 فروع هذا العام، ولدينا برامج للتعاون مع الجامعات، ومع أعضاء هيئة التدريس من الجامعات الأخرى.
أرقام وتفاعل
من هم أعضاء هيئة التدريس؟
كافة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة يتحدثون اللغة الإنجليزية، وجميعهم متحدثون بطلاقة، من أميركا وكندا والهند وأستراليا.
كيف تضمنون حضور الطالب إلكترونياًّ؟
لكل طالب حساب ورقم مستخدم ورقم سري، ويمكننا التعرف إلى نشاطه، وعدد مرات الدخول إلى اللوحة الإلكترونية، والتعرض للمحاضرات، وهناك نظام تفاعلي لذلك، وبالنسبة للمحاضرات عن بعد، فإن الطالب يقوم بتسجيل صوته في العروض التي يقدمها خلال المحاضرة، ويوثق ذلك على الموقع.
تحدثت لـ"الوطن" عن نظام المصادقة الإلكترونية، كيف سيطبق لديكم؟
خلال سبع سنوات، عندما يكتمل مركز التصديق الرقمي، وهو جهاز تابع للدولة، وحينما تصبح لكل المواطنين بصمة مسجلة للعين، فإني أتوقع أن يتحول حتى الحضور بنسبة 25% إلى دخول افتراضي، بعد تطبيق البصمة والتحقق من الحضور بشكل إلكتروني.
ما هي المشاريع المستقبلية؟
نعمل على تطوير المناهج بالتعاون مع الجامعات العالمية، وكذلك لدينا تجهيز مبنى في الدمام، وستكون لدينا مجمعات تعليمية مصغرة، وستبدأ من مدينة الدمام، وأتوقع أن ينطلق بعد عطلة الحج أول مبنى لنا بمواصفات ذكية.
هل تنوون تعدد فترات التسجيل، بدلاً من أن تكون فصلين دراسيين؟
نظام التعليم في العالم كله، يعتمد نوعين، إما نظام الفصلين الدراسيين أو الأربعة فصول، وفي المملكة نستخدم النظام الأول، وبعض الجهات التعليمية لدينا عندما طبقت النظام الثاني لم تلاق نجاحاً يذكر، والاختلاف لن تكون فيه مصلحة، ولكننا نتيح الفرصة حتى بداية الدراسة بشرط وجود مقاعد، بحسب المناطق، ولم نغلق المجال أمام الطلبة وأتحنا كامل الفرصة حتى بدء الدراسة.
اختيار التخصصات
كيف يتم اختيار التخصصات المستحدثة؟
مثلاً لدينا نظام التعاملات الحكومية "يسر"، والبلد في حاجة لمتخصصين في الحكومة الإلكترونية، لذلك قمنا باستحداث دبلوم لها موجود في أميركا، وطلبت "يسر" من الوزارات إلحاق موظفيها بالبرنامج، وكذا استحدثنا تخصص أمن المعلومات بعد قضية أرامكو، بعد أن خاطبناهم إن كانوا يرغبون باستحداث برنامج لأمن المعلومات، بشكل يتناسب مع دوام موظفيهم، واستقطبنا لذلك أعرق الخبرات، وأكفأ أعضاء هيئات التدريس في أميركا، ولذلك فلسفتنا تعتمد على استحداث أي برنامج يتطلبه السوق والواقع، فنحن نحدد ما تريده الجهات، ونقوم باستحداث برنامج وفق أعلى المعايير بناء على الاحتياج.
هل تشترطون عدداً معينا، لإنشاء برنامج جديد؟
لا شك أن العدد لا بد أن يكون مجزياً، إلا أننا نفتح المجال لأي وزارة أو جهة تجد أن هناك احتياجا لتخصص معين، ولتدريب موظفيها، وتتنوع البرامج ما بين الدبلوم، والماجستير، وما يميزها قدرة الموظف على الدراسة فيها، بعد الانتهاء من دوامه، وإذا انتهى الاحتياج بعد إتمام الطلبة للبرنامج، فإنه قد يتوقف ما لم تكن هناك استمرارية في الاحتياج، فنمط الجامعة متطور.
"رقم واحد"
هل تتوقع أن يكون كادر هيئة التدريس في الجامعة من خريجيها يوماً ما؟
طبعاً، ونحن نراهن على الجودة، والاختبارات المعيارية المقننة، وهدفنا أن تكون مخرجاتنا "رقم واحد" في المملكة، وشخصياًّ كمسؤول أول، هذا هو هدفي، وإلا فلا داعي لوجودي.
هل تشعرون بالمنافسة من قبل الجهات التعليمية الأخرى هنا؟
لا، نظراً لكوننا نمطا تعليميا مختلفا، ولكننا ننافس في جودة المنتج، وأنا متفائل بطلابي.
هل تنوون استقبال طلاب من خارج المملكة في المستقبل؟
هذا الأمر سابق لأوانه.
هل تتوقع أن يكون السبب، خشيتها من التجربة؟
التجربة ليست سهلة إطلاقاً، وتحتاج تدريب المدرسين، وتطوير المقررات، وتهيئة القاعات، وهذا يحتاج إلى وقت، وبالمناسبة فإن 25% من الجامعات في أميركا، ستتحول من نظام التعليم الاعتيادي، إلى النظام المدمج، والآن نظام الدولة في المملكة، يدعو الجامعات بأن تجعل 25% من محاضراتها (أون لاين)، ولكن الجامعات لم تنفذ ذلك فعلياًّ.
صعوبة المواد
هل واجهت الجامعة أي تعثر خلال عامها الأول؟
في البدايات كان الطلبة يتوقعون أننا لا نتابع حضور المحاضرات، والالتزام بالأنشطة، نظراً لكون النظام "أون لاين"، فبدأنا بإرسال رسائل لهم، تفيد بمتابعتنا لهم، وعدد مرات الدخول، ومرور الوقت دون الدخول، وقد أتانا بعض الطلبة يشتكي من صعوبة المواد، وعندما استرجعنا بياناته من النظام، اكتشفنا أن البعض لا يدخل للنظام لفترات تصل إلى أسبوعين، أو أكثر، والبعض لديه نشاطات يجب عليه تأديتها، ولم يقم بأكثر من 12%، وعندما عرف الطلاب بأنهم متابعون، تغير الحال، وعملنا دراسة واكتشفنا أن كل من يتبع الأنشطة، ويقوم بالمطلوب منهم لم يواجه أي تعثر.
كلمة أخيرة؟
أشكركم على إجراء هذا الحوار، وهذه الجامعة هي إهداء من الملك والدولة للمواطنين لتعليم نوعي، وإتاحة الفرصة مع الجودة، حيث لا تعني إتاحة الفرصة النزول بالجودة.