"أنت وأنا ياما نبقى.. نوقف على حدود السهل.. وعلى خط السما الزرقا..

مرسومة طريق النحل..

أنا ومتكية على باااابي.. مرقت نحلة بكير

غلّت بزهور الغااابة.. وصارت تعمل مشاوير"

كما خيوط الحرير المنسوجة من دودة القز، يأتي صوت فيروز مع خيوط الصباح، هكذا أشعر، ربما لأنها باتت ضمن طقوسي الصباحية المبكرة جدا، فلا أجد للقهوة "السوداء" طعما وأنا أتناولها على الريق، وأعترف أنها من أسوأ عيوبي الصحية، كلما هممت بكتابة مقال "كلاكيتي" لكم، إلا وصوتها الفيروزي الرحباني يرافقني صادحا بكلمات بسيطة جدا، تعودنا ألا نقبلها إلا في صوت فيروز، وكم حاول بعض الفنانين تقليدها، بأن يستخدموا هكذا سياق لبساطة المفردات، لكن تجدهم يقعون في وحل الغناء الممجوج، فالكلمة البسيطة على سذاجتها أحيانا لا تقبلها سوى من فيروز.

و"طريق النحل" أغنيتها التي بدأت بكلماتها البسيطة هذا المقال، جعلتني أستطعم العسل في لحظة تأمل لصباح أمس، رغم أني نادرا جدا ما أتناوله، ولكن هكذا هي الحياة نقضيها في مشاوير ومشاوير في طريق النحل ذهابا وإيابا حتى نحصل على عسله، أقصد السعادة بأي شيء جميل في حياتنا، ولكن لا يمكننا الحصول عليه دون وخز صُناعه، ولن تشعر بقيمة النجاح والسعادة حقا إلا بتعب قضيته للحصول على مرادك، وأظن أن الاستشعار الحقيقي لقيمة النجاح في أي شيء.. عمل.. مال.. علاقة حب.. زواج وغير ذلك لن يكون دون تعب وإصرار ومجهود يسبقهما حلم، وقد نفشل مرة واثنتين وعشرا، لكن في النهاية سنصل للعسل، وإلا فإن السعادة التي تأتي على "طبق من ذهب" ليست سوى مجرد لحظة تنتهي سريعا، فما يأتي بسهولة يذهب بسهولة أيضا كما يقول الإنجليز، وبين نجاح يتكئ على كفاح واجتهاد، ونجاح آخر يتكئ على واسطة أو حسب ونسب، فرق كبير جدا كالفرق بين السماء والأرض.

ولكن المشكلة الحقيقية في طريق النحل، أن بعض العابرين يرغبون بالعسل سريعا، فيركضون له ركضا، متخذين من كل وسيلة فاسدة غاية ميكافيلية، وينسى أنه لو أراد العسل عليه ألا يركل خلية النحل؛ لأن جيشا من النحل سيخزونه وإن كان ضميره المثلج! وسيلاحقونه كالأشباح حتى يجد نفسه في مستنقع يسقط فيه حماية منهم، والنتيجة سيحصل على العسل فعلا ولكن بطعم المستنقع الذي سقط فيه! ولا شكّ أن هذا النوع البشري المقزز موجود بيننا بكثرة في هذا المجتمع، وإلا ما وصلنا إلى مرحلة أن تكون لدينا هيئة وطنية لمكافحة الفساد! التي سأغني لها مع صوت فيروز الؤلؤي "إذا راح تهجرني حبيبي.. وراح تنساني حبيبي

ضل اتذكرني.. واتذكر طريق النحل.."