توفيت آمنة ـ رحمها الله ـ طالبة الماجستير نتيجة منع إدارة أمن جامعة الملك سعود سيارة الإسعاف من الدخول للحرم الجامعي خوفا من الاختلاط وحصول الفساد! هل تتخيلون ذلك؟! توفيت وأعادت لنا مرارة حادثة حريق مدرسة للطالبات في مكة هزت كل السعوديين منذ بضعة سنوات، حين كانت الفتيات يهربن من جهنم الحريق بلا عباءات، فيما رجال هيئة الأمر بالمعروف يعيدونهن للداخل، فلا خروج إلا بعباءة أو فليمتن احتراقا، والنتيجة وفاة 15 زهرة ضحية الحلال والحرام! ومثلهن توفيت آمنة؛ لأن الحلال والحرام في ذهنية ميتي الإحساس والإنسانية يجب أن يُطبق أولا حتى على من تلفظ أنفاسها الأخيرة وتحتاج للإنقاذ! ولم لا؟ أليس لدى هؤلاء شماعة اسمها "القضاء والقدر"، يرمون بأخطائهم عليها بضمير مُعطل! وأتساءل: لو كانت آمنة ابنة أحد مسؤولي أو مسؤولات الجامعة هل ستقف سيارة الإسعاف التي جاءت مسرعة لإنقاذ آمنة وشقيقها بالخارج طويلا، ينتظران أمر الدخول حتى تأخروا في إنقاذها كما أشارت شقيقتها عبر الصحف؟ ماذا سيفعل ذلك المسؤول أو المسؤولة لو كانت ابنته آمنة؟ لا إجابة سأتركها لكم.
ثم هل يعقل أن جامعة بها 25 ألف طالبة وخمسة آلاف من منسوباتها، ليكون إجمالي من يرتدنها يوميا 30 ألفا، ولا تخدمهن في المركز الصحي الموجود سوى طبيبة واحدة فقط، ومسعفتين وممرضتين والباقي مجرد إداريات؟! هذا ما جاء ذكره في برنامج MBC في أسبوع السبت الماضي مع علي الغفيلي، وأكده ضيوفه من الجامعة ذاتها! بالله عليكم هل جامعة عريقة كما يصفها مسؤولوها بها هذا العدد الكبير ولا يتوافر فيه سوى طبيبة واحدة! ماذا لو حصلت كارثة أو حادثة أصيب فيها عشرات الطالبات مثلا، تُرى هذه الطبيبة ستسعف من وتترك من؟ ثم ماذا لو هذه الطبيبة الوحيدة كانت مريضة أو في إجازة أمومة أو تغيبت يوما! من سيقوم بعملها ؟ والغريب والمستغرب أن جامعة الملك سعود في الرياض بلغت ميزانيتها لعام 2013 "تسعة مليارات وأربعمئة وأربعة وعشرين مليونا وستة آلاف ريال" أما في هذا العام 2014 فقد اعتمدت لها ميزانية "تسعة مليارات وخمسمئة وخمسة وأربعون مليونا ومئة وعشرة آلاف ريال)، ولكم أن تتخيلوا أنه مع هذه الميزانية الضخمة التي لا تتوافر لغيرها من الجامعات السعودية، ولا يوجد في المدينة الجامعية للطالبات بها 30 ألف طالبة ومنسوبة سوى طبيبة واحدة! هل يُعقل هذا؟ أم أن سيارة "غزال1" و"الهياط" الذي صاحب أخبارها منذ سنوات بكلفة مئة مليون هي أغلى من حياة بناتنا وتوفير عدد من الطبيبات والمسعفات يتناسب مع عدد المرتادات للجامعة!
أخيرا، كلنا يحترم الحلال والحرام، لكن ليس على حساب حياة الإنسان، ويجب أن يسقطا تماما إذا ما كانا سيعطلان إنقاذ حياة، كما يجب التحقيق من جهة خارج الجامعة فيما حصل للطالبة آمنة ـ رحمها الله ـ وأتمنى من أسرتها رفع قضية إن صدق ما حصل، فحياة بنات الناس ليست رخيصة.