لم أتمكن من التأكد من صحة رسالة تم تداولها عبر (الواتس آب) بعد مباراة النصر والهلال على كأس ولي العهد قبل أسبوع منسوبة لداعية تضمنت التحذير من مشاهدة كرة القدم ومتابعتها كونها "من دسائس اليهود على المسلمين كما هو مشهور في بروتوكولاتهم، لصد المسلمين عن ذكر الله وعن الصلاة وإفساد أخلاقهم وإضاعة أوقاتهم، وشغلهم عما ينفعهم في دنياهم وإضعاف همم شبابهم"، وألزم الشيخ "عقلاء الأمة فضلا عن صلحائها بالإنكار على هذه المباريات الدولية والمحلية والإعراض عنها وأن يربوا أولادهم على استهجانها، مستشهدا بقوله تعالى (والذين هم عن اللغو معرضون)، واستهجن "ما توليه الدول الإسلامية من اهتمام بالغ بالمباريات الرياضية وتشجيع مادي ومعنوي لها، وإنفاق الأموال الطائلة في بناء الملاعب الضخمة" إلخ..
وبعد يوم من مباراة الهلال والنصر على كأس ولي العهد التي فاز بها النصر حضرت مجلسا به أحد الدعاة المشهورين أيضا، وكون المباراة للتو لم تمض عليها أربع وعشرون ساعة فكانت حديث المجلس، وظننت أن الشيخ سينتقد الحضور لكنني فوجئت به يشاركهم التعليق بكل أريحية بل ولمست من حديثه أنه متابع جيد لما يدور في الساحة الرياضية خاصة عندما تحدث بما يشبه التحليل عن الأسباب التي أدت بفريق الفتح ليصارع مع مؤخرة الدوري بعد أن كان البطل في العام الفائت.
وصباح يوم الخميس الماضي كنت أشاهد إعادة لبرنامج ديني يومي على القناة الأولى وكان الضيف الشيخ عبدالله المطلق ومن ضمن الأسئلة التي طرحت عليه من أحد المشاهدين سؤال تضمن التالي: إذا قال شخص (إذا فاز فريقي على الفريق الفلاني سوف أدعوكم على وليمة عشاء على حسابي) هل يجوز ذلك وهل يجوز الأكل من تلك الوليمة، فقال الشيخ يجوز لأن هذا من باب الشكر، ولا يجوز لو قال شخص لآخر متحديا " لو فاز فريقكم على فريقنا عشاكم على حسابي" بمعنى أنه يقول من المستحيل أن يفوز فريقكم، لأنه هنا يتحدث وكأنه يعلم الغيب أو كأنه موقن بالنتيجة.
وطبعا كان الجميل في كلام الشيخ عبدالله المطلق وكعادته أنه استشهد بمباراة الهلال والنصر نفسها مبتسما وقائلا إن فاز النصر في هذه المرة فقد فاز الهلال في مرات سابقة، داعيا إلى عدم التعصب وعدم الخلاف..الخ
أوردت ثلاثة أقوال في الكرة وأنا على يقين أن الكل هدفه نبيل ونيته سليمة والكل مأجور ومشكور، لكن فيما لو أخذنا بالرأي الأول على إطلاقه وعلى شدته فأين يذهب الشباب وما هو البديل لهم خاصة في بلادنا؟
في ظني أن الترفيه من خلال لعبة شعبية نظيفة وممارستها ومشاهدتها في العادة تكون بين الناس وعلى الملأ خير من التضييق على الشباب ليبحثوا عن بدائل لا نعلم ما مدى خطورتها أو سلبياتها، وبالتالي أظن أن التحذير من التعصب وعدم التفريط بالعبادات من أجل الكرة أمر مطلوب لكن في الوقت ذاته ليس بالضرورة أن كل شيء وراءه اليهود، فضلا عن أن كرة القدم باتت صناعة مهمة وتدر مليارات الريالات على الدول والأندية ولم تعد كما يظن البعض سببا في الإسراف والخسارة.