لم يتورع عناصر تنظيم "القاعدة" عن اللجوء إلى أي حيلة لعدم افتضاح أمرهم، وتحديدا خلال تبادلهم للأموال التي يستمدون منها استمرارية نشاط التنظيم، أو الذخائر الحية التي تعمر بها أسلحتهم الرشاشة، وذلك باعتماد عدد من "الرسائل المشفرة" التي تبقيهم خارج دائرة الشبه.
قائمة الأحكام التي أصدرتها المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة بالرياض أمس بحق 19 متهما في خلية الـ63، كشفت عن ارتباطات كبيرة بين كل من تنظيم القاعدة وعدد من الجماعات المقاتلة المتطرفة في كل من جنوب لبنان وقطاع غزة وبلاد المغرب العربي، فيما كان "دعم المتضررين من قصف قطاع غزة" عبر أطراف داخل مصر (في الغالب فلسطينيون)، هو الغطاء الوهمي الذي كانت تستمد منه قوتها في عمليات جمع الأموال لتنفيذ الأعمال التخريبية سواء داخل المملكة أو في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها الكويت.
وتشير الإدانات، بكل وضوح إلى أن دولة إيران، كانت محطة هامة ونقطة التقاء واتصال بين "القاعدة" والمجموعات المتطرفة الأخرى، كما كانت نقطة عبور إلى أراضي أفغانستان كذلك.
وكانت أكبر الأحكام الصادرة أمس، قد جاءت من نصيب المدعى عليه الـ45 في هذه الخلية، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما، نظير قائمة إدانات جاءت بأكثر من 3 آلاف كلمة.
وأدين المدعى عليه، الذي نشط إلكترونيا في عدد من المواقع المتطرفة، بتلقيه رسالة من شخصية تدعى "الغريب" والمنتمي لمجموعة متطرفة "جنوب لبنان" في عنقها بيعة لأبي مصعب الزرقاوي منذ العام 2007.
وفي محاولة لخلق رموز مشفرة بين المدعى عليه ومسؤول الجماعة في جنوب لبنان، تم الاتفاق بين الطرفين على آلية لإيصال مبلغ لتلك الجماعة، بعد أن تحصل الأول على مبلغ يقدر بـ100 ألف ريال من أحد العناصر بالداخل.
وحتى لا ينفضح أمر الرجلين اللذين سيتوليان مسؤولية الاستلام والتسليم، اتفق منسقا العملية (المدعى عليه، والغريب)، على طريقة لا تثير الشك، وتم تحديد مكان الالتقاء بأن يكون في محل خاص بـ"البوظة الشرقية" في سوق المحمدية بالعاصمة السورية دمشق، بين حامل المبلغ وطرف آخر تابع لجماعة الغريب، وأن يحمل الأول علبة سجائر (مارلبورو أحمر) ويرتدي لباسا أزرقا مكتوب عليه رقم 97 باللون الأبيض، فيما يحمل الآخر علبة سجائر من نوع (مارلبورو أبيض) وقداحة باللون الأحمر.
كما أدين المدعى عليه الخامس والأربعين، بإرسال رسالة في منتدى الحسبة في شهر ذي القعدة لعام 1429هـ موجهة لصاحب المعرف أسد الجهاد وهو صاحب المعرف (المعتز بدينه) في الفلوجة، وذلك بعد رحلة سمو الأمير نايف -رحمه الله- إلى تونس، وقد تضمنت الرسالة حث وتحريض عدائي تجاه الأمير نايف وذلك بحكم أن أسد الجهاد من المنتمين للجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية لكي يقوم بتمريرها لمعارفه في المغرب العربي بهدف وصولها للعناصر الإرهابية التابعة للقاعدة في المغرب العربي لاستهداف الأمير السعودي.
ولم تقتصر الرسائل المشفرة بين أعضاء التنظيمات الإرهابية على هذا الحد، إذ كشفت قائمة الإدانات بحق أحد المدعى عليه، استخدام مصلح "كرتونين تمر سكري" خلال الحديث عن عدد اثنين من الصناديق يحتوي كل واحد منهما على 20 طلقة نارية لسلاح رشاش.
وحملت أحكام الأمس، أول حكم معلن بحق أحد المدرجين على قوائم وزارة الداخلية، وهو المطلوب رقم 10 في قائمة الـ85، والذي حضر بالأمس بجلسة نطق الحكم، وقد بـ"جسم ممتلئ" خلافا للصورة التي سبق وأن عممتها وزارة الداخلية، وقد حكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة 10 سنوات، أحدها بناء على المادة السادسة عشرة من نظام مكافحة غسل الأموال ومنها ستة أشهر بناء على المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، ومنها سنتان بناء على المادة (5-6) من نظام مكافحة التزوير، وباقي المدة لبقية التهم الثابتة في حقه ومنعه من السفر خارج المملكة بعد خروجه من السجن مدة مماثلة لسجنه.