لا تكاد تنتهي أحاييل ودجل المتسولين لاستدرار عطف المواطنين، حتى يبتكروا وسيلة أخرى .. هذه المرة ورقة ملونة تصطاد المتسوقين والقادمين والخارجين من المطاعم والمارة على الطرقات في العاصمة الرياض، كتبت بلغة تراجيدية تحمل في طياتها كل مآسي الدنيا وأمراضها وديونها.

الحيلة الجديدة لمتسولي العاصمة، تبدأ بخطبة موغلة في العاطفة يأتي في مطلعها "يا من جمعتهم كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله .. شاءت الأقدار وتبدلت السعادة بالحرمان بعد وفاة والدي".

عبارات مكرورة يرددها دائماً المتسولون .. وهي أن "والدهم الذي توفي - رحمه الله - خلف أسرة كبيرة من نساء وأطفال"، ليكون ذلك مدخلاً ليدمغ عائلته بشتى صنوف الفقر والمرض والعوز، .. كل هذا ليس جديدا .. ولكن الجديد هذه المرة هو الورقة الخضراء وخلافها أخرى لم تستطع "الوطن" الحصول عليها بشكل كامل، ذلك أن المتسول يتقدم بهذه الورقة ويقوم بسحبها مباشرة بعد أن يحصل على ما يريد من المال.

الورقة الجديدة، تعتبر طريقة موغلة أيضاً في الذكاء .. فبدلاً من "الحكي" الذي لا يصبر عليه المارة لكثرة مشاغلهم .. خذ الورقة معك وحتماً أنك ستعود لتمنحه من جيبك حينما تقرأ سيناريو لفيلم تراجيدي مليء بالمآسي لا تكتمل فصوله إلا بـ"الجود ولو بالموجود". وبات معروفاً أن المتسوّل دائماً يكون هو الابن الأكبر .. ومقبول في المجتمع أن يكون هو من يسعى لتوفير ما يسدون به رمق العيش، ولكن هذه المرة يمعن هذا الابن ليصيب أمه المسكينة بالسرطان .. ويحدد أن يكون هذا الورم الخبيث هو سرطان الثدي، وهذا يكفي أن يلين قلوب المارة في الشارع .. فيما يمعن تارة أخرى ليضمّن ورقته السحرية بأن هذا المرض "السرطان" تحوّل إلى الكبد ثم العمود الفقري لينقل والدته المسكينة إلى الفراش.