يبدأ خبراء في الأسلحة الكيميائية غدا في سورية إحدى أكثر عمليات إزالة الأسلحة طموحا وأكثرها خطورة على الإطلاق بسبب الحرب الدائرة هناك. وتتعلق هذه العملية بإتلاف أكثر من ألف طن من المواد السامة (غاز السارين أو غاز الخردل) المخزنة في كل البلاد. لذلك تبحث الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن مرشحين مستعدين للمخاطرة بحياتهم والعمل بدون توقف لاحترام مهل تبدو مستحيلة. ويلزم قرار اعتمده مجلس الأمن الجمعة الماضي الرئيس السوري بشار الأسد بالتخلص من كامل مخزوناته من الأسلحة الكيميائية في غضون بضعة أشهر. لكن المهل المنصوص عليها في الخطة التي أعدها الروس والأميركيون لتفتيش وتنظيف 45 موقعا للتخزين، ما زال يتعين تحديدها بحسب دبلوماسيين في الأمم المتحدة.

ويعتبر خبراء أن هذا العمل يتطلب نحو مئتي مفتش فيما لا يتوافر لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المكلفة بتطبيق اتفاقية يعود تاريخها إلى 1993، ما يكفي من المفتشين.

فضلا عن ذلك، فإن أولئك الذين سيقبلون طوعا القيام بالمهمة قد يتعرضون لنيران المتنازعين كما أنه سيتعين بالتأكيد إخراج المواد السامة من سورية لإتلافها في بيئة مؤمنة. وتقضي الخطة الأميركية الروسية بإنهاء العمل في أواسط العام 2014 لكن معظم الخبراء لا يعتقدون أن ذلك أمر ممكن.

وأكدت دينا اصفندياري الاختصاصية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "لم تنجز مطلقا عملية بهذا الحجم، وبالتأكيد ليس في زمن الحرب". وأوضحت "أولا من الصعب جدا التأكد من أن الأسد كشف فعلا عن كامل ترسانته". وتابعت "ثم إن المفتشين سيشكلون أهدافا ممتازة في هذه الحرب الأهلية. إن أي جهة تريد نسف العملية، وأنا متأكدة أن هناك كثيرين يريدون ذلك، ستتمكن من استهدافهم عندما سيزورون المواقع". واعتبر هاميش بريتون ـ جوردون وهو ضابط سابق في القوات النووية والكيميائية البريطانية أنها "مهمة مستحيلة في خضم الحرب". ويتوجب تدمير القنابل أو القذائف الكيميائية الجاهزة للاستعمال في المكان في محرق خاص وسيكون من المستحيل إقامة منشآت كهذه في سورية.

وراى بريتون غوردون أن "الأفضل هو أن يسلم السوريون الأسلحة الكيميائية على الحدود حيث تتسلمها الأمم المتحدة والقوى العظمى لإتلافها". ومن المفترض أن يعمل مئتا اختصاصي بدون توقف خلال فترة ستة أشهر لإحصاء ونقل كل المواد الخطرة. "لكن تدميرها سيتطلب مدة أطول، ربما سنتين"، كما أوضح هذا الخبير الذي يدرب الطاقم الطبي في سورية على العمل تحت تهديد هجوم كيميائي.

أما التكلفة فتبدو باهظة. وبحسب الرئيس السوري بشار الأسد ستستغرق العملية سنة وستكلف مليار دولار. بينما يرى بعض الخبراء أن هذه المدة تكاد تكون غير كافية لإحصاء الأسلحة الكيميائية وإخراجها من سورية. وقال بريتون ـ جوردون "فيما يتعلق بالموارد فإن الفاتورة ستكون باهظة".

وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الإيطالية أمس أن إيطاليا تضع في تصرف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية طائرات عسكرية من طراز سي ـ 130 لنقل الخبراء الأسلحة الكيميائية لسورية مع معداتهم.

وتدرس وزارتا الخارجية والدفاع "كل الأوجه المتعلقة بأمن العملية"، كما أوضح البيان الذي أضاف أن عملية النقل هذه ستتم "خلال الأيام المقبلة". إلا أنه لم يتم الإعلان عن عدد الخبراء الذين سيتم نقلهم بواسطة طائرات سي-130.