يرى البعض أن الأمر الملكي الخاص بمعاقبة السعوديين المشاركين في القتال خارج المملكة، أو المنتمين والمتعاطفين مع جماعات إرهابية أو أحزاب دينية محظورة متطرفة، جاء علاجا أخيرا لحالة مرضية فكرية أسهم في تفشيها أشخاص من الطائفتين السنية والشيعية، لا يحملون أي قدر من المسؤولية الأخلاقية أو الانتماء الوطني، فدفعوا بآلاف الشباب إلى أتون صراعات خاسرة، أو تنظيمات عنفية، دينية وطائفية، انعكست سلبا على صورة المملكة خارجيا، وداخليا.

الأمر الملكي لم يأت ليكشف أولئك الأشخاص، بل جاء محذرا للجميع، ولعل مهلة الشهر كافية لأن يعود كل مشارك في قتال خارجي، أو محرض، أو منتم، أو متعاطف، إلى رشده، إلا أن البعض أصر على كشف توجهاته المشبوهة، عبر تعليقات في مواقع التواصل بأسماء صريحة ومستعارة، هي أبعد ما تكون عن مقاصد الأمر الملكي.

في اعتقادي أن أصحاب تلك التعليقات المعترضة، لم يخرجوا عن صنفين، كلاهما جبان، إلا أن الثاني حوى: طلاب شهرة، وجهلة، وأصحاب أجندات خارجية.

وللسائل عن ماهية هذا التصنيف، وربما قسوته، أقول: لأن الأمر الملكي واضح، وكل بنوده لا تمت بصلة إلى الداخل، بل انحصرت في الخارج سواء في مسألة القتال أو الأحزاب والجماعات المتطرفة والإرهابية التي يستمد أفرادها الأوامر من قادة لهم في الخارج، كـ"القاعدة" على سبيل المثال.

البعض يحاول أن يراوغ لغرض دنيء في نفسه، وضد وطنه، متجاهلا أن مقاتلي الخارج أحرجوا الدولة كثيرا، وأصبحت دول، لا تكن لنا الود، تساوم بهم وعليهم.

أما الحزبيون، فمعلوم ارتباطهم الخارجي، ومعلوم أيضا عن آخرين - وتحديدا أفرادا في الداخل- يمارسون نوعا من التماهي غير المباشر مع التنظيمات المسلحة لتحقيق مكاسب.

وكون أنظمتنا لا تسمح بالتحزبات السياسية، واقتصار الأمر على السلطة التشريعية في شكلها الحالي، فإن تنفيذ أفكار وأجندات حزبية خارجية في الداخل، لا يمكن أن يعد إلا خيانة وعملا سريا، وإن زعموا أنه باسم الدين تارة، أو باسم الحرية تارة أخرى!

أما ما يخص تنظيم القاعدة، فهم خوارج رفعوا السلاح وأضروا بأهل البلد ومقدراته في سنين خلت، وما زالوا يتحينون الفرص التي يجهضها على الدوام رجال الأمن البواسل.

إعادة الحسابات من الشجاعة، والمكابرة نوع من الجبن والهروب من الحقيقة، وآخر العلاج الكي.