وصف محللون سياسيون الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا، جون كيري وسيرجي لافروف، حول مسودة القرار الذي سيصوت عليه مجلس الأمن الدولي في وقت مبكر أمس، بأنه انتصار جديد للدبلوماسية الروسية في مواجهة نظيرتها الأميركية، وقالوا إن خلو النص من بند يؤكد اللجوء التلقائي لتطبيق عقوبات بموجب البند السابع من ميثاق المنظمة الأممية إذا مارس النظام السوري المماطلة، يمثل هزيمة للوزير الأميركي. وقال المحلل السياسي كيم بولارد في تصريحات إلى "الوطن" "مرة أخرى ينجح التعنت الروسي في إرغام الدبلوماسية الأميركية على الموافقة على ما تريده موسكو. ويبدو أن الدبلوماسية الروسية بدأت تعتمد أسلوب النفس الطويل في مواجهة التسرع الأميركي واستغلال رغبة الوزير كيري في تحقيق نصر دبلوماسي سريع، لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار انشغاله في متابعة مفاوضات السلام بالشرق الأوسط". وأضاف "السبيل الوحيد لإيقاف تلك المماطلة ودفع حلفاء الأسد لإرغامه على الخضوع للمجتمع الدولي والقانون إعادة التلويح بالضربة العسكرية مرة أخرى، فقد أثبت هذا الأسلوب جدواه في جلب النظام السوري لإرادة المجتمع الدولي".
من جانبه يرى الخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط جيمس جيفري أن موسكو لا تزال تراهن على قدرة الرئيس السوري على المراوغة، وأنها تضع كل ثقلها خلفه وتصر على دعمه، تمهيداً لإعلان عودتها القوية إلى منطقة الشرق الأوسط. ويقول "ظلت روسيا تلعب لعبة ذكية حول سورية باستعمالها بطاقات محدودة، واستخدامها شحنات الأسلحة، وحق النقض في الأمم المتحدة، ودعمها لنظام قاتل، والمناورات البحرية لدعم حليفها الأسد، ووضع عراقيل أمام الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، قامت واشنطن بجعل بوتين شريكاً، فقد ارتقت به رسمياً إلى مستوى الولايات المتحدة"، وأضاف "مع أن الاتفاق بين البلدين حول إزالة الأسلحة الكيماوية لنظام الأسد، تضمن القضاء على أداة رئيسية ضد الثوار. إلا أنه لا يمكن تصور هذه النتيجة إذا لم تهدِّد واشنطن بالقيام بعمل عسكري".
وفي ذات السياق، اعتبر مستشار الكونجرس وليد فارس في تصريحات صحفية، أن مشروع القرار الخالي من البند السابع لميثاق الأمم المتحدة هو انتصار للقيادة الروسية في توجيه دبلوماسيتها تجاه واشنطن والحصول على موافقة إدارة أوباما بالانخراط في هذا المسار.
بالمقابل، قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا بورز إن مجلس الأمن ناقش مشروع قرار حول نزع الأسلحة الكيماوية السورية. وأضافت في بيان، أن مشروع القرار يحوي بنوداً لإلزام سورية بشكل قانوني بالتخلص من برنامجها الكيماوي. ويحوي بشكل واضح أن هناك عواقب ستترتب على عدم الالتزام. وتابعت "النتيجة التي تم التوصل إليها بدت مستحيلة منذ أسبوعين فقط. حيث لم يكن النظام السوري يعترف بوجود مخزوناته من تلك الأسلحة الفتاكة. لكن الليلة لدينا مسودة قرار مشترك هي نتيجة دبلوماسية مكثفة ومفاوضات شاقة".
وكان لافروف قد أعلن عقب لقائه كيري للمرة الثانية أول من أمس، أن الجانبين اتفقا على نص مشروع قرار حول سورية. وأضاف "مشروع القرار الذي سيعرض على الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن للتصويت عليه، يتفق تماماً مع منطق اتفاقيات جنيف بشأن أطر تدمير الأسلحة الكيماوية، ولا ينص على اتخاذ خطوات وفق الفصل السابع، بل يشدد على ضرورة الاعتماد على خبرة المفتشين الدوليين". وتابع "أي انتهاك لنظام تدمير الأسلحة الفتاكة أو إعادة استخدامها في سورية من جديد، مهما كان الطرف المسؤول عنه، سيدفع المجلس للنظر في الموضوع. وسيكون في هذا الحال، مستعداً لاتخاذ خطوات تحت الفصل السابع، تتناسب مع خطورة الانتهاك".