أثار القرار المفاجئ لعدد من التنظيمات التي تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، رفض الاعتراف بالائتلاف الوطني المعارض، وتشكيل إطار جديد يضم جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، شكوكاً حول مستقبل الائتلاف الذي يعتبر المكوِّن الأبرز للمعارضة الذي يحظى بدعم الدول الغربية. وأعلنت 13 مجموعة بينها حركة "أحرار الشام"، ولواء التوحيد، ولواء الإسلام، عدم اعترافها بالائتلاف وحكومته المؤقتة، داعية إلى "التوحد" ضمن إطار إسلامي يحتكم للشريعة. وقالت في بيان "كل ما يتم من التشكيلات في الخارج دون الرجوع إلى الداخل، لا يمثلنا ولا نعترف به، ومنها الائتلاف والحكومة المفترضة برئاسة أحمد طعمة". ودعت "جميع الجهات العسكرية والمدنية إلى التوحد ضمن إطار إسلامي واضح ينطلق من سعة الإسلام، ويقوم على أساس تحكيم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع".

ويقول الخبير في مركز "آي إتش إس جينز" للإرهاب تشارلز ليستر إن هذا القرار يفرغ المعارضة المسلحة من عدد من مكوناتها البارزة. وأضاف في تصريحات صحفية "الخطوة مضرة جداً بالجيش السوري الحر، لأن هذه المجموعات تمثل شريحة مهمة من المعارضة المسلحة، وتضم أفضل مقاتليها، وسيكون لها تأثير ملموس على قدرة هيئة الأركان على اعتبار نفسها نواة المعارضة المسلحة". من جانبه يؤيد الخبير السويدي في النزاع السوري آرون لوند هذا الرأي. ويقول "يتعلق الأمر بتمرد مجموعة كبيرة من التيار الأساسي على قيادتها المفترضة، والتحالف مع قوى أكثر تشدداً". ويشير إلى أن غياب تنظيم الدولة الإسلامية عن التوقيع على البيان قد يعكس رغبة هذه المجموعات في عزلها بسبب الاشتباكات المتكررة مع مجموعات أخرى ذات توجه معتدل.

بدوره يقول الأستاذ في جامعة أدنبره والخبير في شؤون المجموعات الإسلامية في سورية توما بييريه إن هذه المجموعات رفضت قبل عام الوقوف إلى جانب جبهة النصرة في مسألة رفض الاعتراف بالائتلاف المعارض. وأضاف أن الاتفاق الأميركي الروسي على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية، الذي جمد تلويح واشنطن بتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، دفع ببعض المجموعات المقاتلة إلى مراجعة حساباتها. وتابع "بعد مأزق الأسلحة الكيماوية، فقد بعض المسلحين الأمل في أن يتمكنوا من الاستفادة من عناصر إيجابية من التفاهم مع الغرب". وكانت المعارضة السورية قد طالبت الدول الغربية مرارا بتزويدها بأسلحة نوعية لمواجهة القوة النارية الضخمة للقوات النظامية، وعدم السماح بتنامي دور المجموعات الجهادية التي تحظى بتمويل وتسليح جيدين. إلا أن الغرب امتنع عن تقديم دعم ملموس على مستوى التسليح، خوفاً من وقوع هذه الأسلحة في أيدي المتشددين الذين يرتبط بعضهم بتنظيم القاعدة. إلا أن بعض المحللين يعتبرون أن الخطوة الجديدة قد تغير موقف الدول الغربية بتسليح مقاتلي المعارضة.