قلت له جوابا على سؤاله عن رأيي الخاص في مسيرة التنمية الوطنية: إن كل مواطن يستطيع بحواسه العشر أن يكون مقياسا ومؤشرا لسهم التنمية بالموجب أو بالسالب.
كل مواطن، وفي حياته اليومية يستطيع أن يكون "ترمومترا" لقياس الفارق التنموي بين عقدين أو عامين، وبالضبط حين يختزن في ذاكرته الفوارق في القياس ما بين صورتين.
بالنسبة إليّ، وإلى مؤشري الخاص: ما زلت لعقد كامل من الزمن أذرع شوارع هذا الحي الكئيب المهمل، حين تنتظر شوارعه "رشة أسفلت" من مخلفات بترول البلد النفطي الأول.
ثلث المدينة بالكامل لا يشبه إلا تفاحة "ظامئة" سقطت بالخطأ جوار حاوية النظافة.
بالنسبة إلى مؤشري الخاص لقياسات التنمية، ما زلت أشاهد "خلدون" الصغير في فصل من أربعين طالبا في مدرسته الابتدائية، وحين أشاهده في فصله تقفز إلى الذاكرة ذات الصور المطبوعة عن أيام "مازن" الابتدائية رغم أنه اليوم في منتصف الدراسة الجامعية.
بالنسبة إلى مؤشري الخاص لقياسات التنمية، ما زالت "سارة" تتعالج الشهر الماضي من نوبة برد حادة على "جار" السرير الذي ولدت به قبل سبعة عشر عاما، دون قدرة أو أمل في نقلها إلى مبنى مختلف ولو حتى من أجل تغيير الصورة النمطية.
بالنسبة إلى مؤشري الخاص لقياسات التنمية، ما زالت "ماسورة" المياه المحلاة جافة ظامئة على جدار سور منزلي رغم أنهم حفروا شارعي قبل ثلاث سنين مكتملة.
بالنسبة إلى مؤشري الخاص، مثالا، لمكان وظيفتي الجامعية، فما زلت على ذات الحلم الذي حلمت به قبل عقد من الزمن؛ أن أدخل على طلابي في القاعة الجامعية الجديدة.... ومن أجل هذا الحلم ما زلت أقاوم رغبتي الدفينة في التقاعد المبكر.
أظن أن أحلامي مع التنمية في مؤشري وفي حياتي اليومية قد تقاعدت مبكرا، رغم مليارات تصريحات الصحف التي لم أشاهد منها في مؤشري الخاص "مليونا" واحدا يهبط على الأرض.
وربما أنني اخترت لحياتي، الشارع الخطأ، والحي الخطأ، والوظيفة الخاطئة، ولهذا تجمد "الزئبق" في مؤشري... فلا أعلم... قد تكون مؤشراتكم مختلفة...