في هذه الأيام تمر بنا ذكرى غالية على قلوبنا، وهي مرور ثلاثة وثمانين عاما على توحيد وطن عاش فترة من الزمن في صراع، وانقسامات، وتوجهات، وفقر، وجهل، حيث عمل الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - جاهدا على تأسيس المملكة العربية السعودية، وكان ذلك من خلال الإعلان في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر من عام 1932 عن قيام المملكة العربية السعودية كدولة واحدة على أسس ثابتة مستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وبذلك تحقق الحلم الكبير للقائد المؤسس، ولا يمكن لأي شخص أن يناقش موضوع اليوم الوطني دون أن يتحدث عن فارس هذه الإنجازات، والقائد المؤسس لهذا الكيان الكبير، ومهندسه، فما قام به الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ يؤكد لنا امتلاكه لرؤى، وأفكار طموحة، وتحقيقها تطلب رجلا شجاعا، ومحنكا، ولديه نظرة استشرافية طويلة المدى، وتم تحقيق العديد من الإنجازات في عهده فحارب الجهل، والفقر، والمرض، وتابع المسيرة من بعده أبناؤه الملوك حتى وقتنا الحاضر في عهد خادم الحرمين الشريفين وفقه الله، وخلال مسيرة المملكة التنموية الشاملة تم تحقيق الأمن، والأمان الذي هو المطلب الأول للمواطن؛ فتحول الخوف إلى أمن، وتم توطين البادية، والتشجيع على استصلاح الأراضي، والاستقرار، وكانت هناك نقلة نوعية في مجال نشر العلم، والتعليم، وتوفيره للمواطنين، والمقيمين، وكانت هناك جهود ملموسة في مجال محو الأمية، وتثقيف أفراد المجتمع، وبذلك تم التخلص من مشكلة الجهل، وتحقق استثمار حقيقي في الإنسان، والمكان في زمن قياسي مقارنة بالدول الأخرى التي من حولنا، والأدلة على ذلك كثيرة ومنها انتشار التعليم العام، والتعليم العالي في جميع مناطق، ومحافظات المملكة، كما تم استغلال ثروات المملكة المختلفة بما يعود على الوطن بالنماء، والرخاء، أما في المجال الصحي فقد كان هناك انتشار للخدمات الصحية، وتمت توعية السكان حيال الكثير من الأمراض، وأصبحت المملكة مرجعية في بعض المجالات الطبية تتم استشارتها، والاستفادة من خبراتها عالميا، كما تحقق العدل، والإنصاف، وتم القضاء على الظلم، والجور، والإقصاء، ولن نستطيع أن نتحدث عن جميع الإنجازات التي تحققت في هذا الوطن لكثرتها، ولتنوعها، واختلاف مجالاتها، والزمن كفيل بإبراز هذه الإنجازات، وهذه المناسبة الوطنية تتطلب منا جميعا أن ندرك حجم الإنجازات الوطنية، والإنسانية التي تحققت بما يضمن تعزيز روح المسؤولية لدى أفراد المجتمع، والمحافظة على مقدراته، ومنجزاته، ومن الضروري أن ندرك أيضا أن منجزات المملكة لم تقتصر على حدودها الجغرافية، بل تعدت ذلك إلى الدول العربية، والإسلامية، والصديقة، فكان للمملكة العربية السعودية حضور على مختلف الأصعدة الإقليمية، والعالمية في العديد من المجالات بما يعزز حضورها الخارجي. ومن باب رد الجميل لهذا الوطن المعطاء ينبغي علينا جميعا أن نقدر القيم النبيلة التي أصلها الملك المؤسس، وحافظ عليها، وعززها أبناؤه من بعده، ومن أهمها التكاتف بين أفراد المجتمع، والعمل على تحقيق وحدته، والمحافظة على المنجزات الوطنية الكبيرة التي تحققت على مدى سنوات عديدة، ونبذ الأفكار السيئة، وتفويت الفرصة على الحاقدين، والمتربصين، والمروجين لزعزعة أمن هذا البلد، واستقراره، وفي يوم الوطن نحن من الوطن، وللوطن، ومع الوطن، ومن حقنا جميعا أن نفرح بهذا اليوم، ومع ذلك لا بد أن نحتفل به بطريقة راقية، وبأسلوب يليق به، ولا يعمد بعضنا إلى القيام في هذا اليوم ببعض الممارسات، أو التصرفات التي تتصف بالاندفاع غير المقبول، أو الحماس الزائد الذي يؤدي في النهاية إلى التهور، حفظ الله لهذا الوطن أمنه، واستقراره، وأمد قادته بالصحة والعافية، وحفظهم من كل مكروه، وكل عام ووطنا بألف خير.