نشأ وترعرع الطيار "بيل قروس Bill Gross" في مرزعة عائلية في ولاية "شمال داكوتا" الأميركية، وبالتالي فهو يعرف بالتأكيد ماذا تعني الأرض لأهلها، وأن قيمتها المعنوية تتجاوز قيمتها المادية بكثير.

لكن نجاح "بيل" كطيار في إحدى شركات نقل البريد لم يمنعه من ملاحظة التغيّر الديموجرافي في انحسار رقعة المزارع، وتراجعت أعداد أبناء المزارعين، أو هجرتهم إلى المدن بحثاً عن الفرص الوظيفية، بيد أنه يتذكر بفخر يوماً ما حينما كان في رحلة عبر المحيط الأطلسي؛ ولم يتردد بالإفصاح عن مستقبله بعد التقاعد لزميله في قمرة الطائرة، حينما قال: "سوف أعود وابتاع حرّاثة، وأدور بها لأساعد الأسر الزراعية في حرث محاصيلهم!" مما جعل صاحبه يضحك، حتى لاحظ أن "بيل" كان جاداً، ليبادره بسؤال سريع: "إذن.. لماذا تنتظر حتى تتقاعد؟".

وهذا ما حدث بالفعل، إذ عمل فوراً على تأسيس مؤسسة "نجدة المزرعة" غير الربحية، لتقديم

المساعدة المهنية للمزارعين، وكانت البداية عام 2006 حينما ضرب إعصارٌ مدمرٌ ولايته الأم، وكان أن تدمرت مزرعة عائلة "كابّينمان"، ولم يكن لديهم تأمين على مزرعتهم كما هي حال أغلب المزارعين الأفراد، وعلى الفور ذهب الطيار "بيل" إليهم برفقة أصدقائه المتطوعين، وقاموا بإعادة بناء الحظائر، وحرث وبذر المحاصيل، وترميم منزل العائلة، لقد أعادوا الحياة الحقيقية لعائلة فقدت كل شيء بعد الإعصار. ثم تطورت نشاطات "نجدة المزرعة" وخلال سنوات قليلة تمدد عملها إلى خمس ولايات مجاورة، وأضحت تستقطب متطوعين من أبناء الولاية ممن هاجر إلى غيرها، ولا يزالون يحملون الود والحب لمسقط رأسهم.

يعرف "بيل" أن مستقبله كطيار مهمٌ له ولعائلته الصغيرة، لكنه يؤمن أنك إذا أردت أن تساعد الناس؛ فلا بد أن تساعدهم في شيء تتقن تنفيذه أنت، وليس هناك أفضل من الزراعة يتقنها الطيار "بيل".