بالأمس، انشغل الإعلام الدولي برمته بدهاليز السياسة، وبتصريحات وفدي (المعارضة السورية ونظام الأسد)، المشاركين بالنسخة الثانية من اجتماعات "جنيف" الرامية إلى وضع حل للمأساة السورية.

وتبعا لذلك، لم تختلف الحالة بالنسبة للإعلام العربي، الذي خصص غالبية المساحات المتاحة للشأن السوري لتغطية تلك الاجتماعات وما يحيط بها من إرهاصات.

مؤتمرات صحفية، تصريحات جانبية، صور، مقاطع فيديو، كل القوالب الإعلامية كانت حاضرة، ولكن هذه المرة ليست من الأرض التي تحترق، بل من جنة الدنيا سويسرا.

أسبوع كامل، تصدرت فيه الفنادق الفارهة، والسيارات الفخمة، والملابس الباهظة الثمن، المشهد الإعلامي، وغابت عنه صورة المأساة الحقيقية التي يتعرض لها الشعب السوري.

7 أيام، كانت كافية للمشاهد العربي، أن ينسى أن هناك - في سورية -، أطفالا تقتل، ونساء تستباح، وشيوخا هرمة وكهولا عجِزة تنتظر ما تسد به رمقها وشظف عيشها. 7 أيام كانت كافية لوضع أزمة الـ3 سنوات في قالب تعلبه المفاوضات والمؤتمرات، دون شعور بحجم المأساة.

وغاب عن الإعلام - إلا من رحم ربي وربكم -، أن نحو 27% من الذين قتلوا في سورية طيلة أيام انعقاد الجولة الأولى من المفاوضات هم من النساء والأطفال، وهو ما أضاء عليه بذكاء حادق المتحدث باسم وفد الائتلاف السوري المشارك في الاجتماعات لؤي صافي، لتأتي هذه المعلومة كـ"ماء بارد" أيقظ بعض الإعلام من سبات أحلام جنيف.

الإعلام العربي كما العقل العربي، يتشاركان في صفة "غير محمودة"؛ وهي النسيان. وعلى الرغم من أن هذه الصفة نعمة إلا أنها تتحول إلى "نقمة" في مثل الحالة السورية، إذ إن جذب الأنظار لغير مكانها من شأنه أن يجعل الواقع الحاضر الذي تعيشه بلاد الشام "نسيا منسيا".