معالجة وضع التعليم المتراجع تحتاج لانتفاضة تعليمية على جميع المستويات، نعم نحن أمة في خطر، بل نحن أمة تحتضر إن لم نبادر إلى معالجة وضع التعليم لتعزيز الوحدة الوطنية والقضاء على البطالة بكل أنواعها حتى على رأس العمل، لأننا أمة ذات رسالة وحضارة وتاريخ ولنا منهج رباني نحسد ونحارب عليه حتى من قبل أتباعه، بل إننا أمة يجب أن تستمر في النهوض والبناء والريادة والقيادة، ولكن ما ذا يجب أن نفعل الآن قبل فوات الآون؟

لا يمكن أن نعالج دون تشخيص وتحليل وتحديد مسببات كل المشكلات، ولأننا في مؤسسات تعليمية، وجب أن نعالج مشكلة التعليم بطرق علمية.

إن أول ما يجب على وزارة التربية القيام به هو تكليف جهة محايدة من مجموعة باحثين وخبراء محليين، لوضع تقرير شامل وكامل عن التعليم العام في المملكة يعتمد على الحقائق والإحصاءات لكل شيء يتعلق بالوزارة ومؤسساتها وكوادرها وموظفيها والجهات التي تعمل وتتعامل معها، وعن التكاليف والمصاريف والميزانيات والمشاريع وغيرها، مع عدم إقحام هيئة التقييم الحديثة في هذا الموضوع.

ثانيا، يجب عقد مؤتمرات وطنية متخصصة لمديري ومديرات المدارس، ثم مؤتمرات وطنية للمعلمين والمعلمات حسب التخصص، كأن يخصص مؤتمر لمعلمي ومعلمات اللغة العربية، ثم مؤتمر عام سنوي عن التعليم تطرح فيه كافة الموضوعات التي تتعلق بالتعليم.

كما يجب أن يكون هناك تقرير سنوي عن مخرجات وسير العملية التعليمية غير التقرير السابق الذكر والذي نريد أن يكون كشف حساب، بينما يكون التقرير السنوي مهنيا وعلميا بالذات، يشخص مشكلات المناهج والكتب الدراسية والخطة الدراسية وأداء المعلمين والمعلمات ومديري ومديرات المدارس والمشرفين والمشرفات، وتحصيل الطلاب والطالبات وغيرها من عناصر ومكونات العملية التعليمية، ويحدد مواطن الضعف والقوة ويقدم الحلول وطرق المعالجة، هذا العمل المؤسسي السنوي مطلب ملح للنهوض بالتعليم من كبوته التي أدت إلى مخرجات تهدد أمن الدولة ووحدة الوطن لأن المخرجات لم تحصل على القدر الكافي من التعلم والتعليم والتأهيل وغيرها مما يجب على الطالب والطالبة تعلمه وفهمه واستيعابه، وأهم من هذا العمل به وتطبيقه.

هذه المصارحة الوطنية في وضع التعليم موضع المراقبة من الجميع تجعلنا جميعا قادرين على مراجعة كل مواطن الخلل فيه، وهذه المكاشفة الوطنية وهذه الشفافية سوف تعفي الوزارة من الكثير من الملفات العالقة والاتهامات الموجهة لها.

أما الكارثة التي تهدد الوطن، فهي التعليم الأهلي والخاص والتعليم الدولي، ولذا تتحتم مراقبة هذا القطاع الفاشل في معظمه، لأنه سوف ينتج مخرجات مدمرة من الرشوة بالدرجات والدروس الخاصة وغيرها، فضلا عن عدم وطنيته ومواطنته لأنه مبني على الربح الخاص في الوقت الذي يحقق خسائر للوطن والمواطنين على المدى البعيد.

المدارس الدولية يجب أن تلزم بالتدريس باللغة العربية، وإلا فإنها سوف تشكل لنا مجموعات خطيرة في المستقبل، ولا مجاملة هنا مع أحد.

الوحدة الوطنية والسيادة والاستقرار أولا ثم آخرا، ومن باب المساواة بين المواطنين يجب عدم إهمال هذه المدارس، ويجب أن تصدر تقاير سنوية عنها وعن كيفية عملها وتوجهاتها ومحتوى مناهجها، وغيرها. كما يجب على وزارة التربية ووزارة البلديات نزع ملكيات بعض المباني في الأحياء لصالح المدارس والمصحات التي ضاعت أراضيها في المخططات الخاصة والحكومية والتي لم تهتم كثيرا بالاحتياجات للمدارس وغيرها من المؤسسات.

وحتى لا نضيع الوقت في التفاصيل، وقبل أن يكتب علينا التاريخ أننا أمة ثرية غنية بترولية تفيض ملياراتها في كل مكان لم تستفد من اللحظة التاريخية في تحصين مجتمعها ومواطنيها والتحسب للكوارث التي لا يمكننا أن نتوقعها سواء كانت طبيعية أو حروبا كما حصل ويحصل ويكون التعليم والصحة بالذات هما أكثر من يتضرر من هذه الكوارث ولا يمكن معالجتها أو إصلاح ما يتضرر منها أو توفير الأموال اللازمة للمحافظة على المكتسبات أو تشغيلها، لهذا أطالب وأرفع صوتي عاليا بتأسيس بنك التعليم الوطني وتصوره موجود لدينا، ليكون رافدا للدولة والمجتمع عند حدوث أي كارثة لا قدر الله، يجب أن نعمل للأحسن ولكن يجب أن نتوقع الأسوأ. هذا البنك سوف يحافظ على مؤسساتنا التعليمية ويوفر لها المال عند الحاجة، ويخفف الضغط على الدولة نتيجة المتغيرات في الأسعار والأسواق وغيرها من المتغيرات غير المحسوبة، كما أنه سوف يكون معززا ورافدا لجهود المجتمع ومؤسساته المختلفة.

ولأن التعليم أكثر تحقيقا للأمن بكل عناصره وعلى جميع المستويات، وقد يؤتى الحريص من مأمنه، ولهذا أحببت أن أقول في هذه السلسلة من المقالات والمختصرة عن هموم التعليم ما يجب أن يقال، ونصل ما انقطع من قطاع الطرق، من أصحاب المصالح الخاصة، ومن التكتلات النفعية المعطلة للمصلحة الوطنية والتي قد تكون جزءا من المنهج الخفي إذا ما أردنا استخدام هذا المصطلح خارج سياقه العلمي، وكل عام وأنتم ووطننا في نمو وازدهار وتقدم ورخاء واستقرار وسلام ووئام وتعايش مع كل العالم حتى يعيش من فضله وخيره الكثير من الأمم والشعوب استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام.