هذا المسرح.. وهؤلاء اللاعبون.. لكن من مؤلف المسرحية ومن كاتب السيناريو؟
غدت "سورية" مسرحا يظهر عليه "أبطال وأشرار" و"كمبارس"، وخلفهم ديكور "المشاهد المسرحية"، بينما يختفي خلف الكواليس "اللاعبون الحقيقيون" من المؤلف وكاتب السيناريو والمخرج ومهندس الديكور..!
عين العالم على "جنيف" للمرة الثانية، ولا يدري العالم إلى متى ستبقى "العين" تتردد على "جنيف".. وهناك تبكي "الإنسانية" على أعتاب "جنيف".. ليس من أجل سورية، وليس من أجل الأرض التي أحرقت بعدما كانت "جنة"، بل من أجل "طفلة" يهدم بيتها على رأسها دون ذنب إلا لأن أهلها لا يقدرون على الهروب من الموت على يد النظام إلى الموت في العراء..!
في "جنيف" كلٌ يدعي وصلا بـ"الإنسانية"، وهي لا تقر لهم بشيء.. في "جنيف" كلٌ يدعي أنه يقف في وجه الإرهاب، فالنظام السوري والمعارضة السورية كلاهما يرددان العبارات نفسها، وكلاهما يقول للآخر: "أنتم تقتلون الشعب السوري".. بينما الشعب السوري يبحث عن: لقمة عيش في ظل الجوع، وغطاء يقيه برد العراء..!
المواطن السوري هو الحلقة الأضعف في كل الثورة السورية.. من هنا النظام يقتله بحجة قتل الإرهابيين، ومن هناك كتائب تدعي الجهاد تقتله بحجة أنه مرتد لأنه مع النظام.. وهناك في المخيمات يموت البقية جوعا وتجمدا، وتبقى الكتائب التي تدعي الجهاد تتقاتل فيما بينها مستخدمة كل شيء؛ من أجل الوصول إلى هدفها حتى لو كان خراب سورية.. وفي ذات الوقت يرحل وفدا النظام والمعارضة برفاهية إلى "جنيف" التي يسمع بها "السوري" ولا يستطيع زيارتها، ليتحاورا ويتراكلا بالألفاظ على طرف الشاشة بينما على طرفها الآخر يباد "الشعب" من طرفين..!
لم تبق "سورية" مسرحا محليا، بل أضحت أكبر مسرح عالمي للسياسة.. فلم يبق أحد لم يتدخل في الشأن السوري، إلى درجة أن أكبر المتدخلين يدعو جميع الأطراف إلى ترك السوريين يقررون مصيرهم، فهذا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يدعو لخروج جميع العناصر الأجنبية من سورية والسماح للسوريين بتحديد مستقبلهم.. وكأن ذراعه العسكرية في الشام "حزب الله" لم يتدخل في سورية ولم يقاتل مع النظام علانية..!
(بين قوسين)
ربما سيكتب التاريخ أن "العربي" كفر بـ"الديموقراطية" وتخلى عن "الحرية" من أجل "الحياة".