قد يشابه العنوان بعاليه اسماً لزاوية شهيرة كان يكتبها (هاني الشحيتان) في إحدى المجلات السعودية منذ ما يقارب سبعة عشر عاماً خلت.. والهذيان قول ما تعرف، وما لا تعرف أيضا، وهذا للأسف الشديد ما يحدث الآن من الكثير الذين يتحدثون في شتى المواضيع والأحداث التي تحدث هذه الأيام.
فلا غرابة أن يتحدث الاقتصادي عن الدين، والإمام عن الاقتصاد، والفنان عن كرة القدم مثلا، بينما يتحدث اللاعب عن كل ما سبق. وكأن مسألة التخصص وقولهم: "تحدث بما تعرف" وقولهم "من قال لا أعلم فقد أفتى" وحديثهم عن (أهل الاختصاص) لم يعد له أي أهمية حيث يختلط الحابل بالنابل ويسيطر (صاحب الصوت العالي) حتى وإن كان مبحوحا أو مخيفا على مشهد الكلام.
ما أجمل أن نعود إلى أصول الأخذ والرد والنقاش والحوار وأن أقبل منك ما دمت أنت أعرف وأفقه مني في موضوع نتجادل أو قل نتحاور فيه، ما أروع أن تخالفني أو ترفضني لأنك لم تقتنع بكلامي وليس لأنك تهذي بما لا تدري.
في حياتي الخاصة نعم هنالك الكثير من هذه النوعية ممن يأخذك بالصوت ويتحدث بكل شيء وفي أي شيء، وعلى الرغم من امتعاض من يشاطرونه الحديث ومصارحتهم له بما يفعل إلا أن ذلك التوضيح لا يزيده سوى الإصرار للأسف على مواقفه وأحاديثه التي لا باب لها فتدخل إليها ولا نوافذ لأحاديثه فتقفز هرباً عنها. أن تعرف شيئا عن كل شيء ولا تعرف شيئا عن شيء فقط كلام جميل ولكن هذا ليس بمقياس جيد لتطرح بلسانك في طريق كل شاردة وواردة، وعندما نسمع كبار السن العارفين يقولون: "للحديث مفاصل"، فالقصد أن للحوار وتجاذب أطراف الكلام آدابا وطرقا يجب عليك يا (صاحب الهذيان) الأخذ بها ومحاولة تجربتها فقد تنفعك بشكل ما، وإن كان ولا بد من هذيانك فالرجاء أن تحاول أن يحدث هذا أثناء نومك وليس وقت صحوك.
أخيرا أتمنى أنني لم أكن أهذي بما لا أدري.