صرنا أمام قضيتين ربما أنهما مرتبطتان ببعضهما بعضا: عدد الحضور الجماهيري في المدرجات، والاستثمار في الرياضة، لا سيما أن هناك من يربط الأول بنجاح الثاني. ولن أجزم بشيء، لكنني وجدت في بيان شركة "صلة" ما يحفزني بعد أن كثر الجدل حول عدم قدرة أندية كبيرة على استقطاب شركات رعاية، وكذلك عدم وجود حل لإحصائيات الجماهير في الملاعب.
وفي بيان "صلة" الأخير طالبت رابطة دوري المحترفين بتعديل رقم الجماهير لمواجهة النصر والرائد ليصبح 22635 مشجعا، مؤكدة أنها توصلت لهذا الرقم من خلال الصور الفوتوغرافية، وحسب المقاعد الشاغرة، وعدم تطابق أعداد التذاكر المباعة مع الحضور.
والأكيد أن البيان محاولة قوية لإثبات الرقم ولكنه شوهه أيضا، فإذا كانت الشركة على يقين من عدد التذاكر المباعة، فكيف تستشهد بـ"الصور الفوتوغرافية" في "دقة" العدد، بينما ممكن أن تكتفي بالرقم المباع والعدد المعلن رسميا وحجم التباعد بينهما لإثبات الخلل، لكنها أدخلتنا في دوامة أخرى وهي تستشهد بالصور الفوتوغرافية لإعطاء دلالات على عدم صحة العدد المعلن رسميا الذي يواجه بالتشكيك وعدم التصديق البتة من الغالبية العظمى من مختلف الفئات.
أعرف جيدا أن عدد التذاكر المباعة لا يمكن أن يكون كافيا لإدانة الجهات المعنية في الملاعب، وخصوصا أن باعة السوق السوداء قد يفشلون في بيع نصف التذاكر التي اقتنوها، وكذلك تسرب كثيرين بإعادة بيع التذاكر أو الدخول دون تذاكر، طبقا لتحقيقات إعلامية.
والعلة هنا في آلية قديمة عجزت شركات كبيرة ورابطة دوري المحترفين في تجاوز ثغراتها، أو إقناعنا بحلول ناجعة.
والآن شركة "صلة" تعلن أنها "تتعهد ببذل جهودها لمتابعة المتسببين فيما حصل، بالطرق القانونية، لاستعادة حقوقها عن المباريات السابقة وحفظ حقوق نادي النصر".
وأعجبتني في فقرة توجيهية وهي تحث جماهير النصر على "الاحتفاظ بالتذكرة بعد الدخول، كضمان للحصول على تعداد جماهيري حقيقي".
وهنا أبتهل للمولى العلي القدير أن يوفقهم في الوصول للحقيقة اعتبارا من مباراة النصر والعروبة اليوم "السبت" مثلما في البيان.
وفي بندها السادس، تقول "لن تقوم شركة صلة الرياضية بإعلان عدد الحضور في المباريات القادمة، إلا بعد إطلاع مندوب نادي النصر، وموافقته".
وهنا أقول إن ما نعرفه أن إعلان عدد الجماهير قرار "آسيوي"، تعلنه إدارة الملعب بعد مضي 60 دقيقة، فهل من حق صلة أن تقوم بما أشارت إليه؟!
وفي فقرة أخرى أكدت أنها "قامت بتغيير شامل في فرق العمل الخاصة بتشغيل الملاعب، وكذلك التعاقد مع مشرفي أمن، للمساعدة في إخراج المباريات بالشكل اللائق ولمشاركة الجماهير الرياضية رغبتها في خلق بيئة أفضل".
وهذا يجرني إلى تساؤل: من المسؤول عن بيئة الملاعب؟!
أما الشق الثاني وبما أن صلة "تستثمر" في الرياضة، فإن بندها الرابع يقول "نادي النصر متضرر من إحصائيات الحضور الجماهيري والإحصائيات التسويقية، كما أن الشركة متضررة، بما ينعكس سلباً على استثمارها".
وفي الشأن الاستثماري، النصر من الأندية التي لم تنجح في تجديد رعايتها، وبالرغم من الوعود لم تتضح أي معالم، في وقت يقدم فريق النصر الكروي أجمل العروض ويتصدر جميل ويصل لنهائي كأس ولي العهد، ودون أن أغفل جزئية استثمار بنك الجزيرة بالبطاقة الاتئمانية، ما زالت المعلومات التي أكدها عدد من مسؤولي شركة الاتصالات السعوية تثبت بأن الأندية الكبيرة "مختطفة استثماريا"، وتفتقر لإدارة استثمار تحقق أهداف الأندية والشركات معا.
و"صلة" تتذمر الآن "استثماريا"، وقبل ذلك احتج رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي على عدد الحضور الذي يضر "بجماهيرية" النادي وتسويقه، وهذا يعزز تبريرات الاتصالات وما حذر منه غالبية النقاد في ضعف بيئة الاستثمار داخل الأندية الكبيرة.
وختاما أقول: نجد أنفسنا في متاهة بين عدة جهات تبحث عن أهداف موحدة، ولا تتلاقى أفكارها، وقد تتضارب مصالحها.