تخيّل أنك مسافرٌ بسيارتك الخاصة من "الرياض" إلى "الخبر"، بالطبع فإن هدفك الأساسي هو الوصول بأقصر وقت، والوسيلة هي السيارة، ولكن هب أن سيارتك تلك لا يوجد فيها شاشة "طلبون" أمامي! أي أنك لا تستطيع أن تعرف بالضبط كم هي سرعتك؟ وكم تبقى من وقود السيارة؟ ولا تعرف المؤشرات الأخرى من حرارة المحرّك وسرعة الدوران وغيرها؟ فهل تستطيع إكمال رحلتك بهذه الطريقة العمياء؟

بالطبع لن نستطيع التحرك قيد أنملة، حتى تتوافر لك بضعة مؤشرات أساسية، وهي ما يطلق عليها بمؤشرات الأداء KPI، ولك ألا تتعجب حينما تعلم أن كثيراً من مؤسساتنا الحكومية تعمل بمثل هذه الطريقة، وتقدم خدمتها للمواطن دون أي مؤشرات أداء تقيس جودة عملها، بالطبع تلكم المؤسسات قد تعرف أهدافها العامة، وتعمل على تحقيقها بوسائل متعددة، لكن ـ للأسف ـ هذه النشاطات لا تقاس بأي مؤشر أداء محدد، لذا لن تستطيع القيادات الإدارية معرفة عما إذا استطاعت الوصول إلى الهدف بالطريقة الصحيحة والوقت المناسب.

إن العمل على وجود نظام جودة قادر على القياس والقييم والمراجعة؛ لن يزيد فقط من جودة الخدمات المقدمة، ولكنه أيضا سوف يرفع من كفاءة العمل والموظفين، ويزيد من قدرة الموظف نفسه على أداء عمله بالطريقة التي تتناسب مع تحقيق المؤشرات المطلوبة، وبالتالي تزيد من دقة قدرة المدير على تقييم ومحاسبة موظفيه، والنتيجة النهائية هي تقديم خدمة ذات جودة مناسبة للمستفيد الأخير، وهو المواطن بالطبع.

مؤشرات الأداء ليس ترفا إداريا، أو تنظيرا أكاديميا؛ بل هي خطوة أساسية تفرضها أدبيات الإدارة الحديثة، وركن ضروري لأي إدارة تريد أن تنجح، مهما كانت ذات خبرة أو مهارة.