قال عنهم من قبل: إن العرب ظاهرة صوتية، وأنا سأضيف إلى ما قال: إن العرب أصبحوا فكرة خطرة على المجمل الكوني.
خذوا هذه اللقطة؛ تفصل المسافة ما بين لاهاي ومونترو ما يقرب من أربع ساعات بالقطار، ولكن المشهد في المدينتين الأوروبيتين يختصر مشهد هذا العالم بأسره، الذي أقبل من كل حدب وصوب لمحاكمة خراج القنابل العربية.
ومن يشاهد التلفزيون أمس سيؤمن أن العرب اليوم "فكرة مخجلة".
كان المشهد استثنائيا حين اضطرت قنوات الأخبار الرئيسية أن تقسم الشاشة إلى نصفين: نصف الشاشة في مونترو حيث يتفاوض شعب مع نظامه لوقف حمام الدم في لغة لا تختلف أبدا عن مفاوضات العرب وإسرائيل، إذ لم تقتل كل حروب العرب في التاريخ الحديث ولا نصف ما أريق في سورية خلال عامين.
نصف الشاشة الآخر في لاهاي حيث طغى المشهد على محاكمة يختبئ فيها المتهمون علنا بعد مقتل زعيم عربي بحجم الحريري.
لماذا تقاطر هذا العالم إلى مدينتين متجاورتين من أجل بني يعرب؟ والجواب أننا أصبحنا "فكرة خطرة" على الإنسانية، ولم نعد مثل ما كان من قبل مجرد خطر على أنفسنا.
نحن ـ عبر أكثر من عقد من الزمن ـ أصبحنا قصة أمنية على هذا العالم بأسره، وحتى حين أقبل الربيع العربي صفق المهللون ببشائر ولادة جيل جديد إلى هذه الخارطة.
اليوم يبرهن هذا الربيع عن بنية عقلية بالغة التخلف، لأن الحمام اليوم لا يستطيع أن يعبر فوق أجواء كذبة الربيع العربي، ولا يستطيع أن يهبط إلى هذه الشوارع المخيفة.
وخلاصة القول: إن عالمنا العربي لم يفهم حتى اللحظة أسرار بنية التخلف، وسأقولها مرة أخرى: إنه التعليم يا غبي.