من محاسن الفرص أن يأتي مهرجان جدة التاريخية مع قدوم الأمير مشعل بن عبدالله أميرا لمنطقة مكة المكرمة. إذ رأى الأمير بعينه عراقة العمران، ولمس بمشاعره اعتزاز "الجداويين" بتراث مدينتهم باعتباره لونا لافتا ضمن ألوان بستان الوطن الجميلة. وبذلك يتوقعون بتفاؤل كبير أن تحظى جدة التاريخية بالدعم، وتكون من أولى اهتمامات أميرهم. فجدة ليست بعمرانها القديم، بل وبما اكتنزته من إرث ثقافي واجتماعي بزغ من رحم بيوتها وحواريها وأزقتها، فأسهم مع بقية المدن في تشكيل أساليب حياتنا المعاصرة.

تعرضت مباني جدة التاريخية لحالة من الإهمال، أدت إلى انهيار عدد كبير منها وتردي حالة بنيان وواجهات معظمها. وما بقي منها أصبح مهددا بالزوال؛ بسبب تحويل عدد كبير من بيوتها "خاصة في حارتي البحر واليمن" إلى محلات تجارية ومخازن لمواد قابلة للاشتعال. وكذلك بسبب هدم وتحويل بعض المباني الخيرية "أربطة" إلى مراكز تجارية مخالفة لبيئة العمران المحيط بها بحجة التطوير. رغم ذلك، فالشيء الإيجابي فيها، الاهتمام الجديد على المستويين الحكومي والاجتماعي بمنطقة جدة التاريخية، خاصة مع إنشاء الأمانة العامة للسياحة والآثار.

وفي سياق هذا الاهتمام، أضع أمام سمو أميرمنطقة مكة المكرمة ملخصا لأهم مقترحات المحافظة على هذا التراث وفي مقدمتها: تسمية منطقة جدة التاريخية "محمية" تراثية؛ تحسبا لأي سبب قد يؤخر تسجيلها في منظمة اليونيسكو. إنشاء صندوق لدعم الملاك غير القادرين على تكاليف الترميم، وتسهيل إجراءات إصدار تراخيص الترميم. منع تحويل مباني الوقف إلى مراكز تجارية، ومنع إسكان العمالة في المنطقة التاريخية لحمايتها من تحويلها إلى مستودعات. وتبني مفهوم اقتصاد الضيافة؛ لتكون منطقة جذب ثقافي وسياحي تقام في بيوتها فنادق ومقاه ومطاعم للأكلات الحجازية ومقار لجمعيات التصوير والطوابع ولفرق الفنون والألعاب الشعبية والمناسبات الثقافية.