لفتت مشاركة الجدات العاملات من أصحاب المهن والحرف القديمة في مهرجان النخيل والتمور بالأحساء "للتمور وطن" أنظار زوار القرية الشعبية في متنزه الملك عبدالله البيئي جنوب الأحساء، حيث تشارك أكثر من 10 سيدات في فعاليات المهرجان من خلال مهنة الخوص والتراثيات المستلة من جبين النخلة. وتعامل الزوار معهن بكل احترام وتقدير نظير ما قدمنه من تعب وجهد في الحفاظ على هذه المهن التراثية، وسعيهن لنقلها للأجيال الحالية والتعريف بها.
وقالت الجدة أم محمد لـ"الوطن" إنها جاءت للمشاركة رغم كبر سنها والتعب المصاحب لها نظرا لبعد المسافة بين قريتها والمتنزه، والسهر إلى منتصف الليل، والجلسة لأكثر من 6 ساعات في محلها، ولكنها تحملت كل ذلك من أجل الأحساء وعمتها النخلة التي أعطتها الكثير، والتمر الذي أكل منه الأجداد وسدوا به جوعهم، في وقت كان فيه الزاد شحيحا، متذكرة تلك الأيام الخوالي التي قضتها في حقل أبيها فلاحة بين النخيل.
وكشفت أم محمد عن خبرتها الستينية التي قضتها في صناعة الخوصيات فهي منذ كانت ابنة 14 ربيعاً تمارس مع أمها صناعة سُفر الطعام والمراحل الخوصية التي يوضع فيها التمر أيام الحصاد، وكانت كل أدوات وحاجيات هذه الصناعة من "عمتنا النخلة"، من السعف إلى الخوص والجريد والليف وغير ذلك، وكانت أسرتهم تعيش على هذه الحرفة.
بينما لم تخفِ الجدة أم محمد تخوفها من انقراض هذه المهنة، فقديمًا كان اعتماد المزارعين على بيع وتخزين تمور الواحة في هذه الخوصيات، ففي كل أربعاء وخميس تزدحم طرقات تلك الأسواق وممراتها بما تعرضه البائعات من إنتاجنا، ونعود محملين ومثقلين بالمال الذي نشعر بلذته، لأنه من تعب أيدينا التي لم تعرف "المناكير والزينة الحديثة"، غير أن أزواجنا يرون أثر الخوص والشوك "والمسلة" في الأيادي، ونحن كذلك، امتلأت عيوننا من سمر سواعدهم والزنود التي صهرتها الحقول.