يتردد بشكل واسع في الإعلام الرياضي السعودي دون غيره من وسائل الإعلام الأخرى حول العالم، موضوع التصنيف الشهري للمنتخبات فئة (A) الصادر من "فيفا" واعتباره المعيار والمقياس لتطور المنتخب أو عدم تطوره، وكذلك مقياس لنجاح خطط وبرامج وأنشطة اتحاد كرة القدم ونجاح رابطة دوري المحترفين والجمعية العمومية ونجاح البنية التحتية وبيئة الملاعب ونجاح للاستثمار والتسويق والنقل التلفزيوني والرعاية والدعاية، وهذا ليس متبعاً في معظم الدول لأن التصنيف مرتبط بمباريات تلعب خلال الشهر الواحد ومن خلالها يرتفع التصنيف وينخفض وهو في حالة منتخبنا لا يزال التصنيف بعيدا عن المأمول ولا زلنا خارج فئة الخمسين الكبار التي تسمح للاعبينا بالاحتراف في بعض الدول التي تجعل من التصنيف معيارا من ضمن معايير كثيرة لاحتراف اللاعبين.

نحن في المركز (73) وهناك من أشغلنا بهذا التصنيف وكأنه عصا موسى التي ستحل كل مشاكل كرة القدم السعودية وللأسف هناك من المسؤولين والإعلاميين من لا يعي آلية التصنيف ومرتكزاته وبالتالي هو (طاير في العجة)، ولا يعلم أن أيام الفيفا تقع ضمن خطة شاملة لأي منتخب لبناء صورته واستعداده وحضوره على المستوى الدولي، وهناك من السعوديين مسؤولين وإعلاميين أيضا يعتقدون أن اللعب في أيام الفيفا مرتبط بالاستعداد لبطولة ما، وهذه للأسف نظرة قاصرة، فاللعب في أيام الفيفا مع إنجلترا أو الأرجنتين أو ما يوازيهما يساوي اللعب في دورة خليج كاملة والفوز ببطولتها إذا كنا نتحدث عن صناعة كرة قدم، أما إذا كانت العملية تشخيصا وتحديات ثنائية فدورة الخليج لها قيمتها الفنية والاعتبارية والتاريخية.

إن الحرص على تحسين التصنيف لا يأتي من خلال البحث عن مباريات مع منتخبات عالمية لتقديم مستوى لعل وعسى يتقدم التصنيف ويفرح الجمهور ونعتقد أننا في وضع آمن، بل الحرص الحقيقي على تحسين التصنيف يأتي ضمن خطة شاملة ومدروسة لتطوير كرة القدم في المملكة من خلال عدة اعتبارات، منها بناء مسابقات سليمة ومبرمجة بشكل دقيق تسهم في ارتفاع مستوى اللعبة واللاعب والروح القتالية والمنافسة الشرسة التي تنعكس على أداء اللاعب في المباريات الدولية وبالتالي يتحسن التصنيف آليا، وبشكل بسيط نأخذ مثالا الاتحاد الياباني لكرة القدم الذي وضع خطتين لتطوير اللعبة قصيرة من 2005 وحتى 2015، وطويلة من 2005 وحتى 2045، وهاتان الخطتان تتمثلان في ثلاثة أهداف لكل منهما، فالخطة القصيرة أهدافها رفع عدد ممارسي اللعبة إلى (5) ملايين لاعب، وجعل الاتحاد الياباني ضمن أفضل عشرة اتحادات في العالم، وجعل المنتخب الياباني ضمن أفضل عشرة منتخبات دولية، أما الخطة طويلة المدى فأهدافها رفع عدد ممارسي اللعبة إلى عشرة ملايين لاعب واستضافة كأس العالم للمرة الثانية، والهدف الثالث الاستراتيجي المهم هو الفوز بالمونديال قبل عام 2045.

إن مثل هذه الأهداف هو ما يجب أن نبحث عنه ونعمل لأجله ونزعج الجمهور به وليس تقدم أو تأخر في تصنيف شهري تم الخوض فيه دون معرفة ودراية.