اعتاد العامل النيبالي "سليم"، الذي يعمل بإحدى شركات غسيل الملابس الشهيرة براتب شهري لا يتجاوز 750 ريالاً، أن يشتري وجبة إفطاره الصباحية، من "كفتيريا" شعبية لبيع الوجبات السريعة، مجاورة للمكان الذي يعمل فيه. يتناول سليم في العادة وجبتين مؤلفتين من 4 سندويتشات صباحا ومساء بكلفة 4 ريالات يوميا، إلا أنه فوجئ بمضاعفة أسعار "السندويتشات". ذلك الارتفاع كان له أثر عكسي على العامل النيبالي وأصدقائه في العمل، لأن الارتفاع يعني استقطاعا شهريا يصل إلى 240 ريالاً شهريا بعد أن كان ينفق 120 ريالا فقط.
ويمكن القول إنه بعد ارتفاع أسعار الكافتيريات بنسبة 50% من الزيادة، أضحى على سليم وأقرانه إما التعاطي مع الواقعية الاقتصادية الجديدة عليهم، وهي أكل وجباتهم والتماشي مع ذلك الارتفاع، مع إضافة تكلفة الارتفاع الجديد. وإذا لم يعجبهم ذلك الوضع، فما عليهم إلى الرضوخ لما يقال عنه "الأمر الواقع"، أي التنازل عن عدد وجباتهم الموزعة يومياً، وبالفعل كان الخيار الثاني هو الأقرب لهم من الأول للالتزامات الأسرية التي دفعتهم لمغادرة بلدانهم إلى سوق العمل السعودي.
لا سليم ولا حتى زملاءه العمال الذين تعودوا أن يشتروا "وجباتهم الخفيفة" التي تجعلهم قادرين على أداء أعمالهم، يعرفون بتفاصيل "أزمة الغذاء العالمي"، أو دور البنك الدولي الذي أطلق في مايو 2008، برنامج استجابة لأزمة الغذاء العالمي (GFRP)، بهدف تقديم إغاثة فورية للبلدان الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار الغذاء. أضف إلى ذلك أنهم لا يتابعون البتة تحليلات المتخصصين في الأمن الغذائي من حصول زيادات كبيرة في الأسعار المحلية (على مستوى العالم)، منذ فبراير وحتى يونيو الماضي من العام الجاري، التي أعزوها إلى سوء الأحوال المناخية وتناقص إمدادات المعروض وانخفاض قيمة العملات والسياسات المتصلة بالمشتريات الحكومية.
عند الحديث بشكل مستقل مع أصحاب الكافتيريات التي تنتشر بين أجزاء المدينة، تجد أن "الرابط الإقناعي"، الذي جمعهم في رفع أسعار "الوجبات" التي يقدموها لزبائنهم، يدخل ضمن عدة دوائر مختلفة، لكن يمكن القول عنها إنها "متداخلة نوعاً ما"، ومن ضمن تلك الدوائر، ما أقرته وزارة العمل جراء رفع رسوم العمالة الوافدة بالمملكة إلى 2400 ريال سنوياً، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الخام من المواد الغذائية الضرورية لعمل الكافتيريات، مع جانب آخر ركزوا عليه كثيراً وهو الارتفاع السنوي المستمر للإيجارات السنوية، خاصة خلال العامين السابقين، وهو الأمر الذي دفعهم إلى رفع الأسعار، بحسب حديثهم.