الصراحة في تشخيص العيوب والأخطاء أولى عتبات التطوير والتغيير.. وقد كان مدير مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء ماجد العدوان، صريحا وهو يقول: إن نسبة تأخر إنجاز القضايا في المحاكم بلغت لدى بعض القضاة 200%.. رغم أن ذلك حديث مجالس الناس قبل الاعتراف، وقد قال ذلك بناء على ما اطلع عليه من تقارير بحكم عمله.

أذكر أني قلت هنا قبل عامين: إن آليات العمل في المحاكم تطورت، وإن أعداد القضاة زادت؛ لكن ما يزال الناس يشتكون من البطء في إنجاز المعاملات وطول مدة التقاضي.

بعض القضاة ينفي التأخر كليةً، وبعضهم يبرر ذلك بقلة القضاة مقارنة بعدد القضايا.. لكنهم لا يذكرون أن عدد القضاة يزداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بينما لم تتطور نسبة الإنجاز..!

جميل أن نسمع أن مدير مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء ماجد العدوان يستعرض في دبي، مراحل وإجراءات تطوير القضاء بالمملكة.. رغم أننا ما زلنا ننتظر مزيدا من التغيير في هذا الميدان، الذي تغير كثيرا وما زلنا نطلب المزيد؛ لأن الحديث عن التطوير والتحديث مؤشر فأل على مستقبل أفضل.

وأجمل حين تسمع قوله: إن للمحامين والمحاميات دورا أساسيا في تطوير القضاء بالمملكة، باعتبارهم شركاء أساسيين، قدموا العديد من الأفكار لمصلحة تطوير القضاء.. لكن ما ليس جميلا أنها ليست إلا أفكارا، فحتى الآن العلاقة بين القاضي والمحامي متوترة.

أدرك ويدرك الكثيرون أن بعض القضاة حققوا نسب إنجاز ممتازة، كما يقول العدوان، لكن الميزانيات المرصودة لتطوير مرفق القضاء أكبر بكثير من هذه الإنجازات، بعد مرور سنوات على بداية العمل لتطوير القضاء.

"الرقابة" هي إحدى أذرع كل إدارة، وهي المساند الحقيقي للباحث عن النجاح في عمل مؤسسي.. وأظن أن وضع كاميرات في المكاتب القضائية أمر يحمي القاضي من الاتهام والتشكيك ويحفظ حقوق المراجعين والمتقاضين، ويكشف أسباب تأخر القضايا، ويميز العامل من الخامل من القضاة.. ولو رأى بعض القضاة أن في وضع الكاميرات انتقاصا وعدم ثقة فيهم وهم من يحكمون بين الناس بشرع الله، سيرى الواثق منهم فيه حفظا لحقوق القاضي وتوثيقا لعمل العامل منهم.

(بين قوسين)

لا أحد يشكك في نزاهة القضاة؛ لكن لا أحد معصوم من الخطأ والزلل. ونعلم أن "مجلس القضاء" هو المخول بمراقبة أداء القضاة، ولكن ذلك مهم أيضا بالنسبة لـ"تطوير القضاء".