تقول صحيفة "الحياة" إن ممثل هيئة التحقيق والادعاء العام طالب بعقوبة تعزيرية لسعودي يملك قناة فضائية ويقدم أحد برامجها.. متهما إياه بالتواصل مع نظام العقيد معمر القذافي، وأنه تلقى منه دعما ماليا بنحو 1.8 مليون دولار.. أما لماذا؟ فذلك لدوافع عدة، لفت انتباهي بينها تهمة تقول: "إثارة الفتنة بين أفراد المجتمع".. هذه تهمة واحدة ضمن مجموعة اتهامات ساقها المدعي العام، وبين المدعي والمدعى عليه، هناك القضاء.

لكنني أتمنى من سعادة المدعي العام، حينما ينتهي من قضية مالك القناة ـ وهو مذيع في نفس القناة ـ والذي يطالب المحكمة بإيقاع عقوبة تعزيرية شديدة عليه، أن يتولى قضية أخرى لا تقل أهمية.. بحيث يقوم بتوجيه ذات التهمة التي أشرت إليها لملاك قنوات أخرى، تمارس شيئا مشابها لما قام به هذا المالك.

أعني قنوات "التجهيل" الشعبية.. هذه التي تعرض أهازيج و"شيلات" وعرضات ليل نهار، ومسيرات للبعارين، وناس تركض خلف البهائم، وترفع شعارات خاصة بها، وتستعرض أمجاد قبائلها، أغلبها يبث ويثير القبلية والعنصرية بين أفراد المجتمع.. ويضرب في صميم الوحدة الوطنية لأجل أثمان رخيصة!

أغلب هذه القنوات تقدم محتوى لا يقل خطورة عما يقوم به المذيع الذي تقاضى الملايين من معمر القذافي.. ليس هناك فرق يذكر.. ذاك تهمته إثارة الفتنة بين أفراد المجتمع.. وهؤلاء يقومون بالعمل نفسه.. الفرق في الكيف والكيفية.

لا أنكر ـ وهذه نقطة مهمة ـ أن النوايا قد تكون طيبة لدى بعض ملاك القنوات الشعبية.. لكن هذا لا يشفع لممارساتهم، ولا يبرر السكوت عنهم..

إن كنا نسعى للحفاظ على الموروث القبلي والشعبي نستطيع أن نخصص له برامج خاصة في التلفزيون الرسمي.. لا أن نترك المهمة لبعض الملاك الذين يسعى أغلبهم للكسب المالي.. ولا يهم لديهم بعد ذلك ـ ربما ـ لو غرقت البلد بأهلها!.