لم يكن الخامس من سبتمبر الجاري، يوماً اعتيادياً على منظمة العمل الدولية، التي استطاعت أن تدخل اتفاقية "العمال المنزليين" برقم 189 الصادرة عنها منذ 2011، إلى حيز التنفيذ، مانحة حقوق العمل الرئيسية لأكثر من 53 مليون عامل منزلي في جميع أنحاء العالم، تشكل النساء منهم نسبة 83% من العاملات المنزليات في جميع الدول، المتقدمة منها والنامية، ويضاف إلى ذلك نحو 10.5 ملايين طفل في أنحاء العالم -معظمهم دون سن العمل- يعملون خدما في المنازل.
ويشير بيان صحفي صادر عن المنظمة (تلقت الوطن نسخة منه)، إلى أن الاتفاقية الجديدة أضحت "قانوناً دولياً ملزماً" اعتباراً من 5 سبتمبر الجاري، وهي كانت بحاجة لمصادقة دولتين عضوين في منظمة العمل الدولية عليها. وقد صادق عليها حتى الآن 8 دول أعضاء في المنظمة هي بوليفيا، وإيطاليا، وموريشيوس، ونيكاراغوا، والباراغواي، والفيليبين، وجنوب أفريقيا، والأوروغواي.
ومنذ اعتماد الاتفاقية، أقر العديد من الدول لوائح أو قوانين جديدة تحسن القوانين الاجتماعية والعمالية للعمال المنزليين. ومن هذه الدول نذكر فنزويلا والبحرين والفيليبين وتايلاند وإسبانيا وسنغافورة. كما بادرت كل من فنلندا وناميبيا وتشيلي والولايات المتحدة ودول أخرى إلى إجراء إصلاحات تشريعية، فيما شرعت عدة دول أخرى في عملية المصادقة على الاتفاقية، ومنها كوستاريكا وألمانيا.
"الوطن" حاولت الاتصال بمسؤولي وزارة العمل للتأكد من طبيعة موقف المملكة حيال الاتفاقية الجديدة، وبخاصة أن منظمة العمل جعلتها ضمن دائرة "القانون الملزم"، وهل ستصادق المملكة على التشريعات الجديدة للمنظمة الدولية، إلا أنه لم يتسن لها ذلك على رغم الاتصالات المتكررة.
وفي سياق متصل، يرى الخبير العمالي بمصر هيثم مبارك في حديثه إلى "الوطن"، الأهمية الحقوقية لهذه الاتفاقية الجديدة التي رأت النور على الواقع الحقوقي العمالي المنزلي، وقال: "إن من المهم على الدول العربية التفاعل مع اتفاقية العمال الجديدة بشكل إيجابي والمساهمة في تغيير الصورة النمطية السيئة عن ضياع حقوق العمالة المنزلية في بلداننا"، كما أشاد بموقف سلطات العمل بالمملكة في تفاعلها عبر سن تشريعات داخلية لحفظ حقوق العمالة المنزلية.
وبحسب دراسة أجرتها المنظمة في يناير 2013، حملت عنوان "العمال المنزليون حول العالم"، فإن هؤلاء العمال يعملون في أغلب الأحيان دون شروط عمل واضحة، وهم إما غير مسجلين أو لا يشملهم نطاق قوانين العمل. وأهم المشاكل التي تواجههم هي ظروف العمل السيئة، والاستغلال في العمل، وانتهاكات حقوق الإنسان. كما تشير الدراسة ذاتها إلى أن 10% فقط من العمال المنزليين يتمتعون بحقوق العمال الآخرين نفسها بموجب قوانين العمل العامة، كما كان أكثر من ربعهم مستبعد كليا من قوانين العمل الوطنية.
من جانبها، تعتقد مديرة قسم المساواة وظروف العمل في منظمة العمل الدولية مانويلا تومي، أن الزخم الذي أثارته اتفاقية المنظمة بشأن العمال المنزليين آخذ بالازدياد. وقد بدأت الاتفاقية والتوصيات بلعب دور فعال كمحفز للتغيير، وهما الآن تشكلان نقطة انطلاق لوضع سياسات جديدة في عدد متزايد من الدول بحيث تعترف بكرامة العمل المنزلي وقيمته. وتقول تومي: "يرسل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ رسالة قوية إلى أكثر من 50 مليون عامل منزلي في جميع أنحاء العالم. وأنا آمل أن تصل الرسالة أيضاً إلى الدول الأعضاء في المنظمة وأن نشهد قريباً التزام مزيد من الدول بحماية حقوق هؤلاء العمال".