لا عاقل يفرح بمعاقبة الآخرين اعتباطاً، دون حجة مقنعة.. سواء بالغرامة أم بالسجن أم بالجلد أم بغيرها، من هنا تأتي مطالبات الناس بمعاقبة المخالفين أو تأييد معاقبتهم، يقيناً بأن ذلك سيردع النفس البشرية.. كي لا تسوّل لصاحبها فعلاً سيئاً!

من الظواهر التي ترافقت مع الفتح التقني، وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية "ظاهرة التصوير".. حيث أصبح بيد كل مواطن ومقيم كاميرا، تلتقط الصور، وتسجل المقاطع.. سبق أن نصحت الإخوة "المصورين" أن يحترموا حياة الناس الخاصة.. الناس ليسوا مناظر طبيعية حتى يحاصروهم بكاميراتهم!

لكل كيان خصوصيته.. ليس من حق المصور أن يلتقط ما يرفضه الشرع والقانون، وإلا سيصبح تحت طائلة المساءلة..

قرأت أن المحكمة الجزائية في جدة قضت بإدانة شاب التقط بجواله صورا لمتسولة، حاولت نزع ثيابها عند القبض عليها من قبل الجهات المختصة، وهو ما اعتبرته المحكمة انتهاكاً لنظام جرائم المعلوماتية بتصوير أشخاص بدون إذن منهم عبر كاميرا الهاتف الجوال، وحكمت عليه -وفقاً لـ"عكاظ"- بالسجن أسبوعا وتغريمه 10 آلاف ريال، وجلده 10 جلدات دفعة واحدة، ومصادرة الجوال الذي تم استخدامه في الواقعة، واقتنع الشاب بالحكم ليكتسب القطعية ويصبح نهائيا.

قلت منتصف السنة الماضية إن المصور يستمتع بالطبيعة بشكل أكبر.. لكونه يبحث عن مواطن الجمال فيها، ويحبسها ليستمتع بها أطول فترة ممكنة.. لكن -يا للعجب- أي متعة يحققها تصوير امرأة متسولة بائسة وهي تحاول نزع ثيابها؟!

أي دعابة تلك التي يبحث عنها الشاب -على حد اعترافه- من اقتحام حياة إنسان آخر وترويجها لإضحاك الناس؟!

مرة أخرى: لسنا ضد التصوير.. افتح كاميرا جوالك، وكن مواطناً صالحاً ومنتجاً، والتقط ما تراه مفيداً.. لكن ضع في ذهنك أن الفائدة لن تجنيها من اقتحام حياة الآخرين.