أقر مجلس الوزراء المخصص المالي للرئاسة العامة لرعاية الشباب، بزيادة 16% عن ميزانية العام الماضي، باعتبار ما ستحظى به الاتحادات الرياضية والأندية من اعتماد إنشاء عشرين مقرا جديدا، وهذا يأتي رغبة في استكمال البنية التحتية وتعزيز مسيرة التنمية، مع ملاحظة أن الميزانيات المتلاحقة منذ عام 2006 لم تعتمد إلا 79 مقرا للأندية الرياضية على نطاق المملكة الشاسع، هذا رغم حجم المخصص المالي العالي.

لو أتيت لتساؤل آخر غير الذي أسأله عن نصيب الفتيات من هذا كله، وماذا بشأن مستقبلهن، يأتي السؤال عن انعكاس مفهوم "رعاية الشباب" في المملكة على عالم الكرة فقط، وماذا عن تحصيل الانعكاس السلبي في غالبه، والناتج على أفراد المجتمع من التشجيع الرياضي، وكوارث ظواهر العنف اللفظي والسلوكي الناجمة عن التعصب، الذي أعد وترا يحلو لمن شاء العزف عليه، إضافة إلى انعدام الوحدة النفسية التي يفترض أن تُزرع في شبابنا ويعمل عليها بجهد من قبل ممثلي هذه الجهات، ليصبح للرياضة وجه مشرق يسهم في دعم روح الفريق ومشجعيه في ظل إطار التنافس الشريف.

بالرغم من أن مفهوم رعاية الشباب في خدمته المهنية ليس محصورا في أصله على هذا الاتجاه، ومن المفترض أن مجهودات هذا المفهوم ـ بمعناه الواسع ـ تترجم إلى خدمات ذات صبغة وقائية وإنمائية وعلاجية، تهدف لمساعدة الشباب على تشكيل حياة تسودها العلاقات الطيبة، ومستويات معيشية تتماشى مع رغباتهم وإمكانياتهم، حتى ترتقي للوصول إلى آمال المجتمع ؛ فمن أهم ما يفترض أن تشتمل عليه برامجها هدف تحقيق التوازن بين الأفراد والجماعات، وزيادة الأداء الاجتماعي في تكوين علاقات مرضية.

من المفترض أن تقدم رعاية الشباب أنشطة متعددة في كافة المجالات والميادين التي يرتادها الشباب، وفي جميع الأوقات، سواء أوقات الفراغ أو العمل، وأعني دعم المدراس والجامعات والنوادي وغيرها بالأنشطة والخدمات التي تحاكي احتياجاتهم ورغباتهم، أضف إلى ذلك إسهامها الفاعل في التنمية الاجتماعية، وهذا من شأنه تدعيم قدرات الفرد القادر على المشاركة لتحقيق التغيير الاجتماعي، وتعديل الاتجاهات السلبية لديه، والبعد عن العزلة والتمحور حول الذات، إضافة إلى إيجابية الاستقطاب الفكري والاستفادة من الطاقات بثقة الفرد في البناء والإنتاجية، والتحرر من المناخ الرتيب والقاتل الذي يعيش فيه.

في الغالب، يكون سبب اغتراب الشباب خللا اجتماعيا، ناجما عن غياب تجانس الأيديولوجيا الموجهة إليهم، إضافة الى العجز عن إشباع حاجات الفرد وتحطيم القيم التي يفترض أن تكوّن شخصيته، وأرى أن الشباب والفتيات يعيشون غربة حقيقية، والفراغ القاتل يغربهم أكثر وينتهك أوقاتهم، فيما لا يزال مفهوم رعاية الشباب بمعناه الواسع محصورا على "هرجة ناديك يناديك".

هنا، يتحتم إيجاد آلية لتحديد أهداف وبرامج مجدية، تعمل على توفير الموارد والإمكانيات من خلال استراتيجية حقيقية لأجل الممارسة العامة في هذا المجال، ولإنجاح الأهداف التنموية التي يفترض أن تستهدف إنجاح هذا الأمر.