بعد مرور 17 عاماً ماذا قدم طاش ما طاش للمجتمع السعودي؟ قدم الكثير والكثير إلى درجة أنّه أصبح جزءا لا يتجزأ من المائدة الرمضانية. في بدايات المسلسل، كان هو صاحب السبق في كسر المحظور والمبادرة في النقد الاجتماعي لبعض الدوائر الحكومية، فكانت الصحافة - حين كانت الخطوط الحمراء أكثر من أي لون آخر- تقتات على جرأة طاش لتكون أكثر حرية وتنفّساً، لكن الآن تغيرت المعادلة، أصبح الأخير هو من يقتات على الصحافة وبات انعكاساً واضحاً لها، فما يقرؤه القارئ قبل عام يشاهده مرةً أخرى بصورة متحركة من المبدعين عبدالله السدحان وناصر القصبي.

حلقة الاختلاط وحلقة المشاريع وإرساء المناقصات وغيرها، كلها كانت عبارة عن مقالات ناقدة كتبها صحفيون سعوديون، فكان طاش هو الناقل لها فقط. لو فتح المجال في ورشة النصّ والتمثيل للمبدعين السعوديين للمشاركة في تقوية المنتج الكوميدي الوطني الأشهر، لكان خيراً لهم من احتكار ناصر وعبدالله لكل شيء، حتى لتغيير المخرج كل عام، حتى أصبح طاش يركز على جودة العدسات أفضل من اللقطات.

كم هي تكلفة العمل؟. عشرات الملايين!، وكم هي المبالغ التي تصرف فعلاً على تطوير الأداء وورش النص وغيرها؟ ستكون نسبة ضئيلة فقط. هل ما تبقى هو عقود احتراف وبدل شهرة للمشاهير من الممثلين؟. قد يكون، وقد يكون أن فريق "طاش" يفضل أن يأتي بوجوه شابة إخراجاً وتمثيلاً حتى يكون حقل تجارب ويقوم بـ"توفير" النصيب الأكبر من المال.

قلت سابقاً إنّ السعوديين يعشقون طاش لأنهم يرون تناقضاتهم فيه، ولكنهم ملوا "الحشو" فقط من أجل الاستمرار. إشراك المختصين والمخضرمين في تطوير العمل أمر لا بد منه، بعد أن مر هذا العام في أكثر من 19 حلقة حتى الآن باردةً لا طعم ولا لون لها، سوى فرح البعض فقط بحلقة "الاختلاط"، على الرغم من أنها مكرورة سبق الحديث عنها في "الوطن" فكانت الحلقة اقتباساً من فكرة صحفية، طار بها التلفزيونيون فرحاً ومرت عليهم منذ 4 أشهر دون أن يكلفوا أنفسهم بالقراءة. وأما بعد، إنه وقت المراجعة الحقيقية لطاش، حتى لا تكتب له سوء الخاتمة.