مع صادق الدعاء والمواساة لذوي الطفلة لمى، التي حولها الصفقاء ورعاع التذمر إلى حديث يتجاوز الآفاق، ليس قصورا في رجال الدفاع المدني، وملايين الحالات والحوادث التي ينجحون في اجتيازها تشهد لهم، لكن لا يحتاج مجتمعنا آراء مرتزقة الشبكات الاجتماعية، وصناع السخط، والمرضى النفسيين ممن تغطيهم نعمة الصحة والفراغ فلا يشكرون ولا يذكرون، ومن صلف بطشهم يفشون السخط بين الناس وكأنهم يوحون بأن التذمر والجزع بات سلوكا اجتماعيا، وليس احتجاجا فجاً على القضاء والقدر، وهشاشة للتهرب من تقبل وقائع في حياتنا يحتاج استيعابها، وإجادة التعامل معها، مهارة يفتقر لها كل من تجاوز أخلاقيا على ما قدر لنا وكتبه الله.
لن يرد أحد القضاء والقدر، لكننا مسؤولون مكلفون، مطالبون بتحمل مسؤولياتنا خاصة تجاه الأطفال، ذلك لا يمنع وقوع الحوادث، وطول فترة الإنقاذ التي استغرقها الدفاع المدني لا يلغي الجهود التي بذلت لإنقاذ الطفلة وانتشال أشلاء منها، ما يثبت وجودها ويثبت الجهود التي قوبلت بجحود وانتحاب. نحتاج بعد فاجعة لمى إلى تعزيز الوعي بخطة توعوية وطنية لتحجيم مخاطر محيطة بنا ومنها الخزانات ومواقعها في بيئاتنا المحلية، وهي قريبة من الأطفال، سبق وتناولت هذه القضية عام 2010، بعد تكرار الحادثة وفقد العشرات غرقا في الخزانات وبيارات الصرف الصحي المكشوفة، أعزكم الله، وما زالت الصحافة بين الفينة والأخرى تتخم صفحات الحوادث فيها بمثل هذه المآسي.
نتيجة رصدي لعدد غير قليل من هذه الحالات حذرت وأكرر التحذير، حتى لا تصبح مسألة توقيت مواكب على هامش الحادثة المروعة، وبعد رهاب الآبار والإجراءات المتخذة لردم الآبار، نحذر من الخزانات، فقد كانت بين حالات الوفاة الغامضة والخزان قاسما مشتركا، وفي مناطق غالبيتها نائية أو بعيدة عن الأبصار، وما زالت الحوادث يلفها الغموض وتنتهي بإعلان أن التحريات جارية، وهنا يتوقف تصريح المصدر أو الجهة المسؤولة عن التحقيق، ما يفضي إلى الإشاعات وبقاء أبواب الأسئلة مشرعة..
نحتاج أن يطرح الدفاع المدني للناس برامج توعية في المناطق التي تترك فيها الخزانات والآبار، وكل ما تم حفره للاستفادة منه، ثم تحول إلى منطقة خطرة مهجورة، فلا يكفي بعد مأساة لمى حصر 400 بئر مكشوفة بالشرقية، وغيرها من الجهود على أهميتها، على امتداد الوطن، ومنح الدفاع المدني أصحاب "الآبار المكشوفة" أسبوعين لمعالجتها لا يلغي مخاطر مشابهة، وحاجة المجتمع للوعي بخطورتها ملحة وتستحق إعلان حالة الطوارئ للتخلص منها.